خلد التاريخ شخصيات وصفت بالشجاعة والبطولة والتضحية، وأصبحت قصص البطولة متداولة جيلا بعد جيل، فالبطل هو التجسيد الحي للجرأة والقوة الذي يتقمص شخصيته ويقلده كثيرون!كان الطاغية صدام من أكثر الحكام اسرافا في منح الأوسمة والأنواط والسيوف والمكرمات لأشخاص خدعوا بشعاراته وشاركوا بحروبه وهزائمه، ولكنه لم يكن يتورع عن ذبح بعضهم بسيف الرافدين او القادسية الذي قلدهم إياه لمجرد خطأ بسيط او عبارة سخرية او نكتة تمس جبروته!اليوم لا نشاهد الا نادرا تكريم بطل عسكري او مدني، من قبل السلطات الديمقراطية ، رغم وجود الاف الابطال يستحقون التكريم، وهذا ما يقتضي مراعاته لكي لا تغيب صورة الابطال الحقيقيين خلف ضجيج ( أبطال الفساد والفشل)!أبطال هذا الزمان يتباهون أمام الملأ بملياراتهم وجكساراتهم ونسائهم وقصورهم وشهاداتهم المزورة،ويملأون الشاشات بقيح تصريحاتهم وخطبهم ولا يتورعون عن التفاخر بسرقاتهم القرنية واساليبهم الشيطانية في الإفلات من العقاب!هؤلاء الابطال يستحقون أنواط الشجاعة وسيوف القادسية أكثر من اي بطل عرفته ساحات الوغى في الحروب الطاحنة ، فهم قد ربحوا المعركة الكبرى ضد الدولة والقانون ، وداسوا تحت أقدامهم احلام الناس الشرفاء، واستطاعوا الفوز بملذات الدنيا وفق القول المأثور( فاز باللذات من كان جسورا)!أما المواطن المقهور والمخدوع فقد أسهم بصوته الانتخابي او خنوعه او تملقه او جهله في صعود هؤلاء الابطال الزائفين التافهين الى مسرح الحياة والسلطة والمال، وراح بعضهم لا يستحي من التوهم بقصص كاذبة وتاريخ مصطنع و اقنعة متغيرة من أجل استمرار نفوذهم، وقد لايساوي أحدهم حبة دخن في ميزان الرجولة الحقة والشجاعة الفذة!العالم والحكيم والشجاع الحقيقي ينزوي بعيدا عن التلوث بهذه البيئة الفاسدة، ويتصدر المشهد الأكثر وقاحة وفسادا!تبا لهذا الزمان وما قبله، عندما يصبح الفاسد والمجرم والفاشل قدوة سيئة ،ويتولى أرفع المناصب، في ظل محاصصة بغيضة لاقتسام الغنائم، وترى ابطال الوهم مثل ضباع تتصارع على جيفة نتنة ويتبارون في لعبة قذرة!