فم مفتوح .. فم مغلق سنة ميلادية جديدة ، ملؤها المحبة والامل والتعاضد ، تحل غدا ، وهاهو الزمن يمضي ، وما بقى إلا ساعات قليلة ، وتنطوي صفحة العام 2023 . لقد اعتدتُ في السنين الخوالي ، ان اتصل هاتفيا ، او اقوم بزيارات شخصية وعائلية للأصدقاء المسيحيين ، او في الاقل مهاتفتهم ، مهنئاً بالسنة الجديدة ، وكم كانت الاحتفالات، بهيجة في بيوت هؤلاء الاصدقاء ونواديهم الاجتماعية التي تزدان بالزينة ، حيث يتواصل الفرح حتى غبش الصباح .. لكني في السنوات الاخيرة ، لم اقم ، حتى بمهاتفة اي احد من اصدقائي المسيحيين ، حيث لم يتبقى منهم إلاً القليل ، وهذا القليل اشعر امامهم بالخجل ، لما اصابهم من أذى على ايادي لا تعرف الرحمة .. لقد خنق المتخلفون هؤلاء الاخوة المسالمون ، الطيبون بسموم الحقد ، وهم بناة حضارة العراق ، وهجرّناهم ، الى حيث لا امل، بدل ان نهيئ لهم هواء المحبة ، وتنهمر لهم دموعنا عند عطشهم .. ونقتطع لهم من اجسادنا عند جوعهم. لقد اصبحوا اشباحاً ، في بلدهم ، وخبأ ضياء شمس حياتهم ، وسط زئير الرياح الصفراء ، حتى ضاعت امام اعينهم نجوم المستقبل ، وراء افق مزروع في سراب المخيلة .. لقد انطفأ الحلم في وجدانهم ، وباتوا يشكون غدر الزمن ، لم يتوقعوا حدوثه . وكأني ، اشعر بما يجول في دواخلهم من اسئلة : لماذا لم نرم لهم طوق النجاة في لحظه الغرق .. ونبني لهم جسر الأمان في لحظات الخوف ؟ احبتي … لن اذكر اسماءكم ، فأنتم تعرفون من اعني … ايها الساكنون في كرفانات البؤس … تعانون البرد والجوع ، وانتم اهل خير وضيافة ، ثقوا ، بأن حبكم هو محنتي وعذابي ، ومحنة وعذاب كل الطيبين من اخوانكم في ربوع عراقكم .. ومازالت في عيوننا الحزينة قبلة على جباهكم المضيئة بالصدق والطيبة . .. لعن الله من شوه جمال سريرتكم … لكن ثقوا ان الزمان لم يقهركم …وعذرا لعدم تهنئتكم بالسنة الجديدة ..
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"