25 Aug
25Aug

وأنا أعمل على تَعزيل البيت منذ مايقارب الشهر باتجاه الانتقال لمأوى آخر، اضطررت لنبش كل موجودات وأوصال وأشلاء وكراكيب البيت.. إنها معضلة ما بعدها.
إلى أين سأمضي بالكتب؟
كتب وكتب وكتب..، نسبة هامة انتهينا من قراءتها، والنسبة الأخرى ماعاد لها مبرر، فهي باتت مبذولة ومتوفرة ومكبوبة بالمكتبات الالكترونية.
كتب، بورق وأغلفة وأحبار، جميلة وهامة وبطبعات نادرة -كما كنا نتوهم بأهمية ذلك!- وبتكاليف كنت أو كنا نستقطعها من دخولنا النزرة أو المعقولة وباعتزاز، وها هي لا أحد يدري إلى ماذا ستؤول، لحاوية نفايات ومن ثم لمحرقة ورق، أم لشخص أو كائن من عصر فائت؛ بوم كان للمكتبة والكتاب حيز من جغرافيا البيت.. أو مكانة يُتباهى بها!
ذاك مصير الكتاب والمكتبة.
لكن إلى أين سأمضي بالأسطوانات المدمجة والكاسيتات.. تسجيلات، أغانٍ، موسيقى، أصوات، تلاوات قرآنية، لقاءات، تسجيلات تسجيلات وتسجيلات..، الكثير منها حميم وحيّ ومغتسل بتذكارات وأسباب وأيام ومرويات وأسماء ووجوه؟

بالضرورة لحاوية خاصة ونائية -مقبرة-؛ لا أدري كيف ستطاوعني نفسي؟
لقد طاوعتني مع الجزء الأكبر، وانتهى الأمر.

والآن، الرسائل وما يسمى بوثائق وأرشيف بعض ما قبل التكنولوجيا. وأيضا الصور- مع أني لا أحبذ ولا صداقة لي مع الصور أو التقاطها إلا ماندر ولأسباب- لكن ثمة منها لناس وأحباء وأمكنة وأيام أيضا. أحيانا كنت أعِد نفسي بتصنيفها وتبويبها، حيث ثمة من سيفيد منها.
اليوم لا أظن أن هناك من يعنيه ذلك، لاحياة من غابوا، ولا ممات مَن مازلنا على قيدها.
ماذا افعل؟
لقد اقدمت على تمزيق ورمي الغالب منها .. وندمت؛ وكأنني كنت امزّق باجزائي وأرمي بما في نفسي. لِم ياالهي ؛ إلى أين أمضي بهذا المشكل ؟

لا أوهام لديّ بشأن أهمية الحياة أو التجربة التي مررت بها..، سوى جمال ومصداقية بعض من خطوات وقسمات ومفترقات وتفاصيل( أيام) مع البعض ممن عرفت وعايشت وتفرقت بنا السُبل..هذا البعض يساوي ما لا يُثمّن، إن هناك في ما يسمى بالوطن أو هنا في شقاء الشتات وأشلاء الأمكنة التي عبرنا وعاثت بنا.
أُقبّل أرواح وكلمات وصور وكلمات..من أحببت، ممن تواصلت أو تعارضت معهم. بروحي هنآك مأوى لكل ذلك، وعسى أن أعثر تالياً على برهة طمأنينة لاستخراج وتظهير ما اقترفت وفعلت.

تبقى أنفاسي وخطواتي وإيماءات جسدي المعلول- بين كل ذلك الركام النبيل - وأنا اتداول الفراغ ويُتم القلب والوحدة على مدى ليال وأيام وسنين ونوافذ وغيوم وسناجب وفراشات وشموس نيئة.. حيث هي.
وعلى غير هدى تتكئ روحي ويقايا مؤهلاتي على أنقاض عِبارة ؛ لا راد لها، كما لو كانت هي قوة البداية.
من أين لنا، لكِ أو لي في أن نزاول ما بعد الحب أو ماقبل هذه الانقاض، في المأوى الآخر ؟

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة