27 Mar
27Mar

تتعدد الأحزاب في بعض البلدان بينما تتبنى أخرى نظام الحزب الواحد، وهو ما يشكل نمط الحزب السياسي باعتباره مجموعة من الميزات التي تميز الأحزاب عن بعضها البعض، وتحدد مواقفها وأهدافها وسياستها، ويعتمد تصنيف أنماط الأحزاب السياسية على عدة عوامل مثل الفلسفة السياسية، والأهداف والوسائل، التي تستخدمها لتحقيق أهدافها، فضلاً عن عوامل أخرى بعضها متعلق ببعض البلدان “وفقاً لموريس دوفرجيه” مثل الأعراف والتاريخ والمعتقدات الدينية، والتركيب العنصري والخصومات القومية، ويورد مثالاً أنّ الخصومة بين الجمهوريين والديمقراطيين في الولايات المتحدة الأميركية تعود إلى المزاحمة بين جيفرسون وهاملتون في مؤتمر فيلادلفيا، أما العوامل العامة المشتركة بين كل البلدان فيدرجها “دوفرجيه” في ثلاثة هي: العوامل الاجتماعية والاقتصادية والإيديولوجية، إذ يلعب تركيب الطبقات الاجتماعية تأثيراً كبيراً على الأحزاب السياسية، فقد توافق ظهور الأحزاب الاشتراكية في القرن العشرين على سبيل المثال مع دخول الطبقة العاملة إلى الحياة السياسية. يندرج تحت أنماط الأحزاب السياسية الكثير من النماذج والتسميات التي انتشرت منذ ظهور فكرة الحزب وإلى يومنا هذا، فيما تراجع بعضها وبرز البعض الآخر بشكل أقوى تبعاً لظروف البلاد التي ينتشر فيها وتغيير الأفكار والأولويات والأيديولوجيا، التي يعتنقها والتي وجد البعض أنها لم تعد تتماشى مع الظروف الراهنة، كما ساهمت الأحداث الدولية والداخلية لبعض الدول في إقصاء بعض الأحزاب السياسية عمداً أو طوعاً حين لم تعد تجد موطئ قدم لها في الحياة السياسة، أو حين احتكر حزب واحد السلطة وأخضع بقية الأحزاب له ووضعها تحت جناحه.
أحد أنماط الأحزاب السياسية هي الأحزاب الاشتراكية التي انتشرت في عدد من الدول العربية في ستينات وسبعينات القرن الماضي متأثرة بالنموذج السوفييتي، الذي أخذت عنه في الوقت نفسه نموذج الحزب الواحد الذي احتكر السلطة لعقود طويلة في بعض الدول، اهتمت الأحزاب الاشتراكية بالعدالة الاجتماعية والاهتمام بالطبقات الدنيا في المجتمع لا سيما العمال والفلاحين ولعبت فيها الدولة دوراً كبيراً في توزيع الثروة وتأمين احتياجات مواطنيها، تلك الأحزاب وإن نجحت في مرحلة من المراحل إلا أنها بدأت مع الوقت تشيخ، كما يشيخ أعضاؤها الذين حافظوا على مراكزهم لعقود طويلة، كل ذلك أدى إلى تملل الشعوب والمطالبة بالتغيير أو افساح المجال أمام أنماط أخرى من الأحزاب للعمل بما يحقق مصالح الشعب التي بقيت مجرد شعارات ترددها بعض الأحزاب دون أن تحقق منها شيء.
بينما تشكل الأحزاب الدينية أحد أكثر الأنماط الحزبية شعبية لا سيما في العقود الأخيرة، إذ تتمتع بقاعدة شعبية عريضة بين أتباع ديانة أو طائفة واحدة، وتعتمد على المبادئ والقيم الدينية في برامجها التي تنادي بها وسياستها التي تسعى إلى تنفيذها، ويشكل حزب العدالة والتنمية في تركيا أحد أكثر الأمثلة دلالة في الوقت الراهن، إذ يحظى بشعبية كبيرة وتأييد واسع أدى إلى تسلمه السلطة لعدة دورات انتخابية، بينما شكلّ حزب الاخوان المسلمين الذي انتشر في غير بلد عربي أحد أكثر الأحزاب خطورة بسبب الأعمال الاجرامية التي قام بها أتباعه لاسيما بحق المفكرين ودعاة التنوير.
هناك الكثير من الأنماط والأشكال الحزبية التي انتشرت ولا تزال حول العالم، ويبدو أنها تسعى لتأمين مصالح فئات محددة من الأفراد لاسيما أولئك الذين ينتمون إليها، وفي أغلب الأحيان مصالح قادتها، لكن أياً كانت سلبيات أو إيجابيات الأحزاب لا يمكن إلا الاعتراف بأنها تلعب دوراً أساسياً في الحياة السياسية للدول وفي تثبيت نظام الحكم الديمقراطي، وتعتبر أحد أهم مكونات بناء المجتمعات الديمقراطية أو تلك الساعية إليها.


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة