10 Jul
10Jul

غيرت‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬الرقمية‭ ‬وشبكة‭ ‬الانترنت‭ ‬ايقاع‭ ‬الزمن‭ ‬وتجاوزت‭ ‬قيود‭ ‬الجغرافيا‭ ‬وحدود‭ ‬المكان‭ ‬وانتجت‭ ‬عوالم‭ ‬جدبدة‭ ‬يندمج‭ ‬فيها‭ ‬الواقعي‭ ‬بالافتراضي‭ ‬والحقيقي‭ ‬بالاوهام‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نعيش‭ ‬الواقع‭ ‬وحده‭ ‬لان‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭ ‬في‭ ‬الشبكة‭ ‬اصبح‭ ‬اهم‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬الانساني‭.‬
لم‭ ‬نعد‭ ‬نهتم‭ ‬بالحدث‭ ‬بذاته‭ ‬كذكرى‭ ‬انسانية‭ ‬بل‭ ‬بصورة‭ ‬الحدث‭ ‬على‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مع‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬التزييف‭ ‬والتجمييل‭ ‬لكي‭ ‬تبدو‭ ‬الصورة‭ ‬اجمل‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬تخطت‭ ‬حدود‭ ‬الاصل‭.‬
المهم‭ ‬ان‭ ‬نصور‭ ‬ونخزن‭ ‬ونشارك‭ ‬مع‭ ‬اكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المعجبين‭ ‬الحقيقيين‭ ‬والمزيفين‭ ‬تعويضا‭ ‬عن‭ ‬نقص‭ ‬او‭ ‬تحقيقا‭ ‬لذات‭ ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬حضورا‭ ‬في‭ ‬الواقع‭.‬
ويبدو‭ ‬اننا‭ ‬ننساق‭ ‬وراء‭ ‬قهر‭ ‬ادمان‭ ‬الاتصال‭ ‬الرقمي‭ ‬وبارانويا‭ ‬العصاب‭ ‬الاستحواذي‭ ‬الذي‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬سلوكنا‭ ‬اليومي‭ ‬من‭   ‬خلال‭ ‬الاتصال‭ ‬المزمن‭ ‬بشبكات‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭. ‬ونحن‭ ‬في‭ ‬واقع‭  ‬الامر‭ ‬نبيع‭ ‬انفسنا‭ ‬وصورنا‭ ‬وذكرياتنا‭ ‬واحلامنا‭ ‬للشركات‭ ‬الرقمية‭ ‬العملاقة‭ ‬التي‭ ‬تسجل‭ ‬بياناتنا‭ ‬وتراقب‭ ‬مشاعرنا‭ ‬وتبرمج‭ ‬احتياجاتنا‭ ‬لتتولى‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بيعها‭ ‬في‭ ‬اسواق‭ ‬تسليع‭ ‬البشر‭ ‬والزبائن‭ ‬والمستهلكين‭ ‬ووكالات‭ ‬الاعلان‭ ‬والتداول‭ ‬والبيع‭ ‬والمقايضة‭.‬وليس‭ ‬مهما‭ ‬ان‭ ‬نباع‭ ‬ونشترى‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مايلتقطه‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬على‭ ‬شبكة‭ ‬الانترنت‭ ‬ومواقع‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ ‬تنتهك‭ ‬خصوصياتنا‭ ‬ورغباتنا‭ ‬بل‭ ‬تنتهك‭ ‬حتى‭ ‬ايماءات‭ ‬الرغبة‭ ‬والجسد‭ ‬فهل‭ ‬نحن‭ ‬ازاء‭ ‬التكنوتوليتاليا‭ ‬اي‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬الشمولية‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬وتراقب‭ ‬وتصنع‭ ‬احتياجاتنا‭ ‬وتوهمنا‭ ‬بانها‭ ‬حاجاتنا‭ ‬ورغباتنا‭ ‬واحلامنا‭ ‬ثم‭ ‬اين‭ ‬تكمن‭ ‬قيمتنا‭ ‬الانسانية‭ ‬وجوهر‭ ‬حياتنا‭ ‬ومن‭ ‬سيكون‭ ‬له‭ ‬صدارة‭ ‬السباق‭ ‬الذات‭ ‬الانسانية‭ ‬المستلبة‭ ‬رقميا‭ ‬ووجودا‭ ‬ام‭ ‬الواقع‭ ‬الافتراضي‭ ‬الممتد‭ ‬والمعزز‭ ‬برغبات‭ ‬وامال‭ ‬غير‭ ‬متحققة‭ ‬هل‭ ‬الاصل‭ ‬هو‭ ‬المهم‭ ‬ام‭ ‬الصورة‭ ‬التي‭ ‬نريد‭ ‬ثم‭ ‬ماالسبيل‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬بناء‭ ‬هوية‭ ‬حضارية‭ ‬وثقافية‭ ‬للذات‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬اغتراب‭ ‬الاجيال‭ ‬عن‭ ‬تراثها‭ ‬وتاريخها‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬طوفان‭ ‬المعلومات‭ ‬المضللة‭ ‬والمزيفة‭ ‬وكان‭ ‬يدا‭ ‬رقمية‭ ‬خفية‭ ‬تضع‭ ‬وتجدول‭ ‬اهتمامات‭ ‬الناس‭ ‬وتخضع‭ ‬رغبات‭ ‬الناس‭ ‬وتوجهاتهم‭ ‬لسيطرة‭ ‬خوارزميات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬التي‭ ‬قادتنا‭ ‬الى‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاستخدام‭ ‬القهري‭ ‬للهاتف‭ ‬الذكي‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬من‭ ‬حياتنا
اليس‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬الادمان‭ ‬الرقمي؟‭ ‬ادمان‭ ‬للانترنت‭ ‬الذي‭ ‬اصبح‭ ‬صورة‭ ‬من‭ ‬النظام‭ ‬الشمولي‭ ‬الرقمي‭ ‬يضم‭ ‬مالايقل‭ ‬عن‭ ‬5‭.‬35‭ ‬بليون‭ ‬مستخدم‭ ‬او‭ ‬مواطن‭ ‬رقمي‭ ‬من‭ ‬اصل‭ ‬8‭ ‬بليون‭ ‬من‭ ‬البشر‭ ‬يعيشون‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭. ‬ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬ان‭ ‬يصل‭ ‬عدد‭ ‬المستخدمين‭ ‬للانترنت‭ ‬الى‭ ‬حوالي‭ ‬7‭.‬9‭ ‬بليون‭ ‬بحلول‭ ‬2029‭. ‬وبالمتوسط‭ ‬وصل‭ ‬عدد‭ ‬ساعات‭ ‬استخدام‭ ‬الانترنت‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬حوالي‭ ‬سبعة‭ ‬ساعات‭ ‬تناظر‭ ‬عدد‭ ‬الساعات‭ ‬التي‭ ‬نقضيها‭ ‬بالنوم‭ ‬يوميا‭. ‬اما‭ ‬الافراد‭ ‬وبخاصة‭ ‬من‭ ‬جيل‭ ‬الالفية‭ ‬الرقمية‭ ( ‬الاعمار‭ ‬مابين‭ ‬16‭ ‬الى24‭ ) ‬فهولاء‭ ‬يستخدمون‭ ‬الانترنت‭ ‬بساعات‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬تسعة‭ ‬ساعات‭ ‬يوميا‭. ‬ويتصل‭ ‬بوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬خمسة‭ ‬بليون‭ ‬مستخدم‭ ‬بينما‭ ‬نقضي‭ ‬بالمتوسط‭ ‬اربعة‭ ‬ساعات‭ ‬مع‭ ‬الهاتف‭ ‬النقال‭ ‬بالاضافة‭ ‬الى‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬ساعتين‭ ‬نتواصل‭ ‬بها‭ ‬مع‭ ‬الاجهزة‭ ‬الرقمية‭ ‬من‭ ‬تلفاز‭ ‬وحاسوب‭ ‬لوحي‭ ‬وغير‭ ‬ذلك‭.‬
هذا‭ ‬الاستخدام‭ ‬المكثف‭ ‬يصل‭ ‬بالضرورة‭ ‬الى‭ ‬حالة‭ ‬الادمان‭ ‬ليس‭ ‬بسبب‭ ‬ارتباط‭ ‬الاتصال‭ ‬الاني‭ ‬مع‭ ‬الانترنت‭ ‬بالمتعة‭ ‬والتسلية‭ ‬او‭ ‬لمتطلبات‭ ‬العمل‭ ‬والدراسة‭ ‬والتعليم‭ ‬والتعلم‭ ‬وانما‭ ‬بسبب‭ ‬الانغماس‭ ‬القهري‭ ‬المتزايد‭ ‬والاستعانة‭ ‬بالاجوبة‭ ‬المحوسبة‭ ‬لتغطية‭ ‬النقص‭ ‬المتزايد‭ ‬في‭ ‬المعارف‭ ‬والمهارات‭ ‬والكفايات‭ ‬والبحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬وتعويض‭ ‬الكسل‭ ‬الذهني‭ ‬وتدهور‭ ‬مهارات‭ ‬القراءة‭ ‬والكتابة‭ ‬والحساب‭ ‬ومن‭ ‬اجل‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الانغماس‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي‭ ‬الذي‭ ‬تتسيد‭ ‬فيه‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬سيادة‭ ‬العقل‭ ‬وتتسيد‭ ‬فيه‭ ‬اليد‭ ‬الرقمية‭ ‬الخفية‭ ‬للاخ‭ ‬الاكبر‭ ‬الذي‭ ‬يمتلك‭ ‬هذه‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬ويرسم‭ ‬مداراتها‭ ‬وماتصنعه‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬وتحديات‭ ‬وحقائق‭ ‬واوهام‭.‬


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة