19 Jan
19Jan

كثيراً‭ ‬ما‭ ‬نقرأ‭ ‬في‭ ‬مقالات‭ ‬عن‭ ‬أدباء‭ ‬وساسة‭ ‬وشعراء‭ ‬وحتى‭ ‬عن‭ ‬علماء‭ ‬طبيعة،‭ ‬فنسترسل‭ ‬في‭ ‬قراءة‭ ‬ممتعة‭ ‬وببراءة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬ندوس‭ ‬على‭ ‬لغم‭ ‬أو‭ ‬ألغام‭ ‬خفية،‭ ‬فنكتشف‭ ‬أن‭ ‬صاحب‭ ‬المقال‭ ‬الفلاني،‭ ‬كان‭ ‬يمارس‭ ‬أدباً‭ ‬محتالاً‭!‬
كيف؟
الكاتب‭ ‬الفلاني‭ ‬بدأ‭ ‬مقاله‭ ‬بحيادية‭ ‬وموضوعية‭ ‬مغلفة،‭ ‬مستغلاً‭ ‬براءة‭ ‬القارىء‭ ‬أو‭ ‬حسن‭ ‬نيته‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تمتعه‭ ‬بما‭ ‬يرد‭ ‬في‭ ‬المقال‭ ‬من‭ ‬مفردات‭ ‬وعبارات‭ ‬جميلة‭ ‬وبما‭ ‬يمتاز‭ ‬به‭ ‬المقال‭ ‬من‭ ‬أسلوب‭ ‬لبق‭.‬
نعيش‭ ‬اليوم‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الحادي‭ ‬والعشرين،‭ ‬وقد‭ ‬قطعت‭ ‬البشرية‭ ‬أشواطاً‭ ‬على‭ ‬درب‭ ‬الديمقراطية‭ ‬والتحرر‭ ‬من‭ ‬الخوف‭. ‬كما‭ ‬أننا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬انعتقنا‭ ‬كذلك‭ ‬من‭ ‬قيود‭ ‬الآيدولوجيات‭ ‬التي‭ ‬تعمينا‭ ‬عن‭ ‬أخطائها‭ ‬وترهبنا‭ ‬في‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬رموزها‭ ‬في‭ ‬غث‭ ‬أعمالها‭ ‬ومواقفها‭. ‬وأخيراً‭ ‬فلا‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬نستمر‭ ‬نعيش‭ ‬الأرق‭ ‬في‭ ‬كشف‭ ‬خطأ‭ ‬ما‭ ‬بمكن‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬قد‭ ‬وقعنا‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬فكر‭ ‬أو‭ ‬موقف‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬عمل‭!‬
هذه‭ ‬المقدمة‭ ‬أحببت‭ ‬أن‭ ‬أسوقها‭ ‬لأسمع‭ ‬بها‭ ‬من‭ ‬يحاول‭ ‬أن‭ “‬يحتال‭” ‬في‭ ‬عنوان‭ ‬مقال‭ ‬أو‭ ‬أسلوب‭ ‬طرح‭ ‬حول‭ ‬شخص‭ ‬أو‭ ‬قضية‭ ‬يجد‭ ‬نفسه‭ ‬ملتزماً‭ ‬سياسياً‭ ‬أو‭ ‬أمنياً‭ ‬تجاهها،‭ ‬بدعوى‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬إبداع‭ ‬إنساني‭!‬
بالطبع‭ ‬فإن‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ابداع‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬مساهمات‭ ‬انسانية‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬نبل‭ ‬وأخلاق‭ ‬وواجبات‭ ‬الكتاب‭ ‬وغيرهم،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬تعمد‭ ‬هؤلاء‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬تناول‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الابداعات‭ ‬أو‭ ‬المساهمات‭ ‬عند‭ ‬آخرين‭ ‬ممن‭ ‬لا‭ ‬يقعون‭ ‬ضمن‭ ‬بقع‭ ‬أضوائهم‭ ‬السياسية‭ ‬يثير‭ ‬الشك‭ ‬والريبة‭ ‬عن‭ ‬نواياهم،‭ ‬ويعبر‭ ‬عن‭ ‬انتقائية‭ ‬ذات‭ ‬أهداف‭ ‬مبيتة‭!‬
وللأسف‭ ‬الشديد‭ ‬يتناوب‭ ‬مثل‭ ‬هؤلاء‭ ‬الكتاب،‭ ‬ويتلون‭ ‬الأدب‭ ‬المحتال‭. ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬فإن‭ ‬الجميع‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬الموضوعية‭ ‬والإنصاف،‭ ‬التي‭ ‬نرجو‭ ‬أن‭ ‬نصل‭ ‬الى‭ ‬اخلاقياتها‭ ‬في‭ ‬أدبنا‭ ‬ونوايانا‭.‬


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة