فم مفتوح .. فم مغلق نعيش حاليا بأجواء ( جمرة القيظ ) وما اتعسها من جمرة ، ولاسيما بعد ان تجاوزت درجة الحرارة في العديد من المحافظات 51 درجة ، ما اضطر بعض مجالس المحافظات إلى تعطيل الدوام الرسمي للحد من الإصابة بالحمى والأمراض الأخرى المصاحبة لارتفاع درجات الحرارة. آننا نعيش في أتون درجة نصف الغليان .. حرارة لا تطاق ، اثرت على النفسيات ، وانقلب المزاج ، وقل التركيز ، وزادت حدة ردة الفعل السلبية ، واتسعت رقعة الاندفاعية ، والعصبية الفائضة، وكثرت مساحات العنف لأي مثير حتى لو كان بسيطا. فما هو تأثير الحرارة على المزاج ومن ثم على الأفكار والعطاء الابداعي ؟ الجواب ، يأتي سريعا ، بعد ان غزا الحر كل الجوانب الحياتية مستفزا الجميع ، ومن بينهم الادباء والكتاب ، ومن صور هذا الغزو ، بروز حالة تدني دافع الإبداع في الجو الحار ، نتيجة تأثير الحرارة على العقل والمزاج ، فالعلم أثبت أن الجو الحار يرتبط ارتباطا مباشرا باضطراب الحالة النفسية للإنسان ، وان الإبداع ليس فعلا منفصلا عن الواقع بكل جزئياته وتفاصيله، ومؤكد ان البيئة والطقس لهما التأثير الكبير على كل مبدع، وخاصة الكتاب . واستذكر هنا ، الحالة التي كان يعيشها ،عميد الرواية العربية نجيب محفوظ ، فهو لا يرغب الكتابة في الصيف، مفضلا الجلوس في المقاهي مع الأصدقاء أو شلة «الحرافيش، المعروفة ، خصوصا في الصيف، حيث يرى ذلك الفصل غير مناسب للكتابة، فكان يخصص وقته صيفا للتأمل في رواياته التي سيكتبها خلال الخريف أو الشتاء.. .. وقد صدق طه حسين بقوله انه يرى الصيف فصلا للغو وليس للجد . بكلمة .. ان فصل الصيف ورفيقته «جمرة القيظ» هو فصل موات ، حيث تهرب الحروف من الكاتب ، وينتهي مداد القلم ، وتصبح الصفحات التي امامه صماء بكماء رغم كل محاولاته في ترويض هذه الحالة، قبل ان تتطور ، وتصبح الكتابة نفسها مزاجاً، يتلبس الكاتب بمجرد أن يجلس إلى الورقة ، سواء وجدت لديه تلك الرغبة المسيطرة أم لا توجد ؟ رحماك ربي .. جمرة القيظ ، وضعف حالة الكهرباء عندنا .. دمرتا الابداع ، فأقلام المبدعين ، هي شجرة ثمرتها الافكار والرؤية المجتمعية السليمة ، وهي ايضا مرآة القلب وترجمان العقل ، ورسول رحمة و هداية و عطاء ..
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"