الانترنيت بكل ما يحتويه من صفحات الفيس واليو تيوب والتك توك والوات ساب وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي المعروفة لدينا وغير المعروفة قد أصبحت نافذة أرواحنا إلى العالم الواسع ولاننكر ذلك فهي منطلقنا الدائم نحو المتعة اليومية في الصباح أو عندما يأتي المساء لمتابعة مايحدث في العالم .. أن أرواحنا بشوقٍ كبير لكل ماهو جديد ينظم إلى مدار يومياتنا المدمجة بالروتين والملل ، ولولا إيماننا بالله خالق الوجود والطمأنينة والأمل الذي يقذفه في نفوسنا على الدوام لأصابنا اليأس من الحياة ولأصبحت أوقاتنا جحيم لايطاق ، لا شك بأن التقدم التكنولوجي له فوائد ومضار ايضاً فقد تكاد تكون مضاره أعظم تأثيراً في مجتمعاتنا المعروفة بازدواجية شخصية مواطنيها بسبب اضطرابهم النفسي والفكري في التحول السريع من طبائع حضارتنا المتأخرة الموروثة من الاجداد إلى التطور الحضاري القادم من الدول المتقدمة التي استطاعت ان تستغل ظروفها وتعتلي صهوة العلم بذكاء ، فبقيت مجتمعاتنا منغلقة على تقاليدها وإطارها الفكري المحدود منذ الماضي البعيد ليومنا هذا. ماهر نصرت معركة لاهاي العربية بين ليلة وضحاها تصدر اسم جنوب افريقيا مواقع التواصل الاجتماعي في العالم واصبح ( ترند ) بلغة السوشيال ميديا تزامناً مع الحدث القضائي الذي شهدته محكمة العدل الدولية في لاهاي، مع افتتاح جلسات الدعوى المقدمة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل حول مخالفة إسرائيل اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها الصادرة عن الأمم المتحدة عام 1948. ناشطون عرب اكدوا عبر صفحاتهم أن جلسات المحاكمة تمثل نصرا كبيرا للفلسطينيين والإنسانية وانه لا يمكن تجاهل الأدلة المقدمة إلى قضاة محكمة العدل الدولية وإلى الجمهور العالمي فيما تداول كثيرون صور فريق الادعاء الجنوب أفريقي مع تعريف بالمحامين والمحاميات المشاركين في المرافعة معتبرين أن مناظرتهم القانونية أمام المحكمة هو ما كان يرغبون بالتعبير عنه على مسمع من العالم. وقارن اخرون بين موقف جنوب أفريقيا، وموقف الحكومات العربية، إذ رأوا أن خطوة جنوب أفريقيا وإن كانت رمزية، إذ قد لا تفضي إلى قرار قضائي بحق إسرائيل، ولكنها منحت دعماً للفلسطينيين في وقت قصرت دول عربية كثيرة عن القيام بتلك المهمة. فيما رأى بعض المغردين أن موقف جنوب أفريقيا ليس رد اعتبار للصوت الفلسطيني فحسب بل هو تعبير عن تضامن كل شعوب الجنوب العالمي. وتداولوا على نطاق واسع لوحة تظهر شاباً جنوب أفريقي يمد يده لشاب فلسطيني لكي يرفعه عن الأرض. واظهرت نتائج استطلاع الرأي الذي أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، أن المواطنين العرب يتعاملون مع هذه الحرب على أنها تمسهم مباشرة إذ عبر 97بالمئة من المستجيبين عن أنهم يشعرون بضغط نفسي (بدرجاتٍ متفاوتة) نتيجة للحرب على غزّة بل إن 85بالمئة قالوا إنهم يشعرون بضغط نفسي كبير. وبحسب الاستطلاع، يرفض 89بالمئة من العرب أن تعترف بلدانهم بإسرائيل، مقابل 4بالمئة فقط يوافقون على ذلك تعكس هذه الأرقام حالة حقيقية وصادقة من الالتفاف الشعبي العربي حول فلسطين وغزّة، تتجلّى في هذه الشعبية الجارفة التي تمتلكها دولة جنوب أفريقيا الآن في الوجدان الجمعي الذي يعتبرها عربيةً أكثر من الأنظمة العربية ذاتها. ويبقى السؤال الاهم لماذا جنوب افريقيا من اقدمت على هذه الخطوة ؟ لا نفتري على ( 22 ) دول عربية و (57 ) دولة اسلامية ولا نرميهم بما ليس فيهم حين نقول إن جنوب أفريقيا أكثر عروبة منها إذا اسلمنا بأن قضية فلسطين مقياس حقيقي للهوية ومعاني الانتماء الحضاري والأخلاقي وبعد 100 يوم من حرب الاحتلال الاسرائيلي المستمر في غزة من القتل والذبح والتهجير والمعاناة والآلام والعذابات والقهر والظلم والدموع وفقدان الاحبة لم يحدُث شيء من ذلك فيما مضت جنوب أفريقيا تخوض معركة فلسطين وحدها، أمام محكمة العدل الدولية، تماماً كما فعلت قبل عام مضى، حين تصدّت ببسالة ومعها الجزائر ودول أفريقية أخرى، في إحباط عملية انضمام الكيان الصهيوني للاتحاد الأفريقي بصفة مراقب، بينما اختارت دول عربية التصويت لصالح إسرائيل، وسكتت دول عربية أخرى. في معركة لاهاي التي تابعها الشعب العربي على مدار الأيام الفائتة، أثبتت جنوب أفريقيا ودول أخرى في القارّة السوداء أنها أكثر قربى لفلسطين من شقيقاتها، وخصوصًا بعض الدول التي لا تمانع في الاكتفاء بالفرجة من بعيد على الصدام الجنوب أفريقي – الإسرائيلي في المحكمة.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"