25 Aug
25Aug

جدل واسع، وتكهنات أوسع تثيرها التحركات الامريكية عند الحدود العراقية- السورية، ما بين تسريبات وتوقعات وقراءات وامنيات، كل يقرأ التحركات وما وراءها من الزاوية التي يريد، او يخضعها لما يتمنى.

لا شك ان منطقة الحدود العراقية- السورية كانت ومازالت منطقة توتر، تؤثر بشكل مباشر على الاستقرار الأمني والاجتماعي في العراق، ولطالما شهدت ضربات بالطائرات المسيرة الامريكية والإسرائيلية لمواقع وقوافل الحشد الشعبي، او بالصواريخ للقواعد او لمواقع سرقة النفط السوري الامريكية في الجانب السوري للحدود.

ويعلم الجميع ان مثلث الحدود العراقية- السورية- التركية، منطقة تتقاطع عندها المصالح الإقليمية والدولية، الامريكية والتركية والإسرائيلية والسورية والإيرانية إضافة الى العراقية، فإسرائيل الغارقة في الصراعات الداخلية، والطامحة للهروب منها كالعادة بافتعال أي ازمة خارجية، تدعي انها منطقة محتملة لعبور الأسلحة الإيرانية الى حزب الله لبنان، الذي يمثل بالنسبة لها مصدر ارق دائم، والذي تزداد التوترات ونذر المواجهة معه هذه الأيام. وامريكا التي تحمل هم الامن الإسرائيلي، تضع عينا على النفط السوري قرب المثلث الحدودي، واخرى على الطرق المؤدية الى قواعدها العسكرية في العراق، وحركة قطعاتها بين العراق وسوريا وكردستان العراق، بعيدا عن سيطرة حكومة بغداد، وتركيا والحكومة السورية تتسابقان على فرض سيطرتهما على المنطقة، والحشد الشعبي يراها منطقة لتسلل الإرهابيين المدعومين أمريكيا، كل ذلك يجعل احتمالات الصدام العسكري في المنطقة واردة جدا، خاصة على وقع التحركات الامريكية الأخيرة على الحدود السورية العراقية، والتي دفعت البعض للحديث عن سيناريوهات أمريكية في العراق، من قبيل شن هجمات على قادة المقاومة في العراق، على شاكلة هجوم مطار بغداد مطلع العام 2020، الذي ادى الى استشهاد ابو مهدي المهندس والجنرال قاسم سليماني.

لكن ثمة حقائق أخرى على الارض قد تعطي للموقف قراءة اخرى، فبعد الحرب الروسية- الأوكرانية، لم يعد العراق أولوية بالنسبة للولايات المتحدة، واولوياتها باتت الصين وروسيا وأوكرانيا، وفوقها جميعا ازمتها الاقتصادية المتفاقمة، فامريكا فشلت حتى الان في إيقاف زحف التنين الاقتصادي الصيني صوب معاقل حلفاءها في الشرق الأوسط والعالم، او تحجيم الدب العسكري الروسي، رغم المساعدات الامريكية والغربية الهائلة التي تقدم لاوكرانيا بغية استنزافه واضعافه، فحتى الاجواء السورية تحولت الى ساحة مواجهة شبه يومية بين الطائرات الامريكية والروسية، المسيرة والحربية، على وقع توتر الازمة الدولية، وفوق هذا فان روسيا فتحت ثغرة خلفية في دفاعات الناتو عبر انقلاب النيجر، المورد الأكبر ليورانيوم نووي الناتو الداعم لأوكرانيا، محملة أمريكا هم مستقبل وجودها في افريقيا، في حال انتقلت عدوى الانقلابات الى دول افريقية أخرى.

وفي هذه الأجواء يصبح ما تردده بعض وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي، عن احتمال توجيه ضربات لقادة فصائل المقاومة العراقية مستبعدا الى حد كبير، نعم العداء الأمريكي لفصائل المقاومة مستحكم ولا خلاف عليه، لكن التطور في المفاوضات النووية بين ايران وامريكا، والتقارب السعودي – الإيراني، والتركيز الأمريكي على الملف الاوكراني- الروسي والصيني، وقوة تسليح واستعدادات الفصائل، يجعل أمريكا غير راغبة بفتح جبهات جديدة قد تسبب لها صداعا مؤلما، وربما تستغلها روسيا لتشتيت القوة الامريكية عبر استثمار جبهات صراع جديدة، هذا اذا سلمنا ان أمريكا في وضعها الحالي المربك اقتصاديا، والمهزوز عسكريا بعد الهروب من أفغانستان وقبله من العراق، والمقبلة على انتخابات رئاسية قريبة، قادرة فعلا على القيام بفعل عسكري من سنخ ما كانت تقوم به بعد احداث سبتمبر 2001.

ورغم ان باب المغامرة الامريكية يبقى مواربا ولو بنسبة ضئيلة، الا ان المتتبع للأحداث يرى في بعض التحليلات الإعلامية لما يجري على الحدود العراقية – السورية، مجرد مناورات إعلامية لإبعاد الأنظار عن فضيحة،  كسرقة معدات مصفى بيجي، او انها حرب نفسية على أبواب الانتخابات المحلية، او بالونات اختبار، او تمنيات رغبية، خاصة وان التحركات العسكرية الامريكية على الحدود وقرب قاعدة عين الأسد لم تتوقف يوما، مثلما لم تتوقف تحركات السفيرة الامريكية في بغداد الينا رومانسكي.



تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة