25 Jan
25Jan

محاربة الوعي سياسة دأبت عليها مراكز القوى الكهنوتية والامبراطوريات المالية المتعاقبة على مر العصور عبر حزمة من الإجراءات والممارسات كونها ترى بالوعي تهديد دائم لسلطتها فراحت تعمل بكل قوة لتجهيل المجتمع وتدجينه كي تتمكن من التحكم به وتوجيه بالاتجاه الذي يخدم مصالحها فبعد ان كانت الأساليب بدائية ومحدودة من قبيل إشاعة الفتن والفاحشة والتجهيل والتضليل اخذت بالتحور والتوسع ، وقد وظفت لها التقنيات الحديثة والتواصل المتزايد بين المجتمعات حتى أصبحت (التفاهة) صناعة جديدة وتجارة رائجة تحضى بالدعم والرعاية بشكل مثير للقلق في محاولة واضحة لاقصاء الطاقات العلمية والأدبية وخلق فراغ في الساحة للكائنات السخيفة والساذجة والتافهة المتحورة كي تتصدر المشهد وتصبح محل اهتمام ومتابعة تنشر التفاهة عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن ثم بالتدريج تحولت إلى جائحة تهدد المجتمع وتنسف القيم وتنشر التخلف وترسخ الانحلال الأخلاقي والفكري في مسعى خطير لتحويل زمننا الحاضر إلى مسخ و مكب للنفايات (الفيسبوكية واليوتيوبرية)من أبطال التكتك والانستغرام والفيس واليوتيوب وغيرها محل شهرة ومتابعة تتسابق عليهم دعوات حضور المؤتمرات ومراكز التسوق والمعارض للترويج لهم وتمويل معروضهم (التافه) باموال خيالية تعتمد المحتوى الهابط كمعيار للتقيم وفق ما دون الصفر حتى تحولت إلى مراكز لإنتاج الرذائل والسفالة والسقوط الأخلاقي، وبات السباق على اشده للتنافس على اسوء محتوى واخس منشور واردى مضمون وبات الثمن مدفوع لهم بأغلى الأسعار، وخرجت علينا مخلوقات منحطة وساقطة وتافه بعنوان (الشهرة) تتصدر منصات السقوط و تتلاعب بالعقل الجمعي مما يدل ان من يقف خلفهم تجار المال والرذيلة وما يحصل من تفشي للشذوذ الجنسي والمخدرات واللهو والتسيب وتفكيك الاسرة الواحدة وغيرها كلها مكملات لمشروعهم البغيض لضرب المنظومة الأخلاقية فهم استهدفوا الفرد ثم الاسرة ثم المجتمع برمته كي يسهل عليهم مسك لجامه وامتطاءه  في استهداف واضح لتمزيق النسيج الاجتماعي وقتل الحياء والعفة والغيرة واقصاء وتغييب كل ما هو جميل ونافع  وإنساني في غزو داخلي وخارجي متواصل، وما يحصل اليوم  من ضرب للفن النبيل والثقافة والادب والتهميش لأهل الرأي والعقل والحكمة خير مثال لخلق الفوضى والارباك ومنع الاهتداء للحل أو محاولة الخروج من الأزمة، فكانت الأمم تحيا بالقيم والمبادئ كي تنهض بواجبها وتبني مجدها وتعلو على اقرانها عندما تلتزم وتحافظ على خطها البياني، وتقع على عاتق المجتمع مسؤولية اخلاقية في مواجهة هذا التردي عبر حزمة من الخطوات في ضرورة الاهتمام (بالمحتوى الهادف) وإعادة جمع شتات المثقفين والباحثين ممن عزل نفسه وأخذ جانب الصمت تجاه ما يحصل من سخافة وسفالة التافهين  وتسخير كل الطاقات  لدعمه وتبتعد عن كل ما يهدد ويعرقل مسيرتها وتعيد النظر بالخطط والقواعد السلوكية التي تعتبر معيار وتقييم قابل للتعديل والمراجعة  حتى يتحقق الهدف المنشود الذي يجعل منها مجتمع متماسك وعريق وزاخر بالعطاء والإبداع والرقي ، ومالم يحصل ذلك سيكون هذا المجتمع عرضة  للتفكك والانحلال كما أن المجتمع معني بالضغط على مصادر القرار لتعديل مسار الأمور ومنع الانزلاق للهاوية  والضغط لتطبيق العدالة الاجتماعية وحفظ الذوق العام ورفع مستوى الوعي بدعم التربية والتعليم وضمان المساواة بالشكل الذي يحقق الاكتفاء الذاتي والانشغال بالأمور النافعة بدل التافهة  وقطع الطريق على رواد المحتوى الهابط على هبوط أكثر والسعي لانتشالهم وإعادة تأهيلهم ودمجهم ليكونوا اناس نافعين لأنفسهم والمجتمع.


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة