استطيع ان اجزم ان لارئيس برلمان في أي من بلاد الله الشاسعة والمتنوعة الاتجاهات يتنصب بمخالفة قانونية فاضحة كما حصل مع السيد الحلبوسي في بلاد الكوميديا السوداء العراقية والتي توّجت مجريات سيناريوهاتها ، بمحاولة استخدام سلطته كرئيس للبرلمان لتصفية المنافسين أو الخصوم على حد سواء من خلال اللعب على وتر ” اجتثاث البعث ” الذي يطرب عليه الآن وهو الكائن من منتقديه !ففي جلسة تنصيبه الفضائحية رئيسا للبرلمان 2018 ، التي تم فيها تمريره وفق سياقات سياسية وليس قانونية شهد العراقيون الطريقة العلنية في الخروقات القانونية . وبحسب شرائط اعتمدها النائب طلال الزوبعي فان الجلسة البرلمانية لتنصيبه تضمنت خمسة خروقات قانونية تثبت عدم شرعية وقانونية الجلسة ، فقد صوّت نواب مرّتين وأجبر نواباً آخرين على التصويت كما أفتتح في الجلسة بازار بيع وشراء الاصوات من قبل النوابووصفت الجلسة حينها بانها “مسرحية هزيلة جداً “.ورغم الالتجاء الى القضاء ممثلا بالمحكمة الاتحادية الا أن الصفقات السياسية كانت أقوى للاسف الشديد ..!ولأن المقدمات الخاطئة تقود عادة الى نتائج خاطئة فقد اعتمد الحلبوسي على هذا الخرق الفاضح والسكوت المريب للقوى التي سلّمته رئاسة البرلمان للمضي قدماً في خروقات قانوني اشد وضوحا من الشمس في سماء صافية !في آيار من عام 2019 وجه رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي برفع دعوى قضائية لدى المحكمة الاتحادية العليا ضد الحلبوسي لتشريع مجلس النواب قانون المفوضية العليا المستقلة لحقوق الإنسان رقم 35 لسنة 2008 بشكل مخالف لأحكام الدستور وما استقر عليه قضاء المحكمة الاتحادية ، وأوضحت عريضة الشكوى “هذه المخالفات” في صلاحية مجلس النواب بتشريع القوانين وفيها جنبة مالية دون الرجوع للحكومة وتحديد السلطة الرقابية على الهيئات المستقلة بينها مفوضية حقوق الانسان ” !كما تضمنت الدعوى “بيان صلاحية الحكومة في ترشيح وتعيين أعضاء مفوضية حقوق الانسان ومخالفة شروط الترشيح لعضوية المفوضية لأحكام الدستور ومنح مكافآت وامتيازات وشروط منحها وما يترتب عليها من أعباء مالية، ومخالفات أخرى”..وللأسف أيضا كانت الصفقات السياسية لبقاء الحال عمما هو عليه هي الاقوى والاعلى من صوت القانون ..!
وفي أيلول 2019 عزم الفائز بعضوية البرلمان باسم خشّان على رفع دعوى قضائية على الحلبوسي لدى المحكمة الاتحادية بتهم خروقات قانونية قال عنها
إن “الحلبوسي، حنث، باليمين الدستورية، وتعمد انتهاك الدستور، ليس لإنه منع نائبا انتخبه الشعب وصدقت المحكمة الاتحادية عضويته بقرار بات وملزم لكافة السلطات من الدخول الى مجلس النواب فحسب، فقد “تعمد تعطيل المادة (۵۲) من الدستور، وهي المادة التي تحمي حق الناخب في اختيار من يمثله”.وأضاف، ان رئيس البرلمان “امتنع عن عرض الاعتراضات على صحة عضوية أعضاء في مجلس النواب على المجلس خلال المدة الدستورية التي حددتها الفقرة أولا من المادة 52 ليتم التصويت على صحة العضوية أو عدمها وفقا للفقرة ذاتها”، مشيرا الى أن امتناعه عن عرض الطعون، المخالف لقرارات المحكمة الاتحادية، عطل رقابة المحكمة الاتحادية العليا على صحة العضوية .
وفي سياق الموضوع ذاته افقد تعذر على 11 فائزاً في الانتخابات اصدرت المحكمة الاتحادية حكماً لصالحهم لكن لم يجر تطبيقه حتى الان من ناحية اعطاءهم المجال لاداء اليمين.واضطر النائب باسم خشان في آيار 2021 الى اتهام الحلبوسي بضرب القانون عرض الحائط وخرق الدستور العراقي بالقول ان” ملف النواب الفائزين بالانتخابات والذين لهم الحق في تبوء مقاعدهم في مجلس النواب وفق قرار المحكمة الاتحادية لم يجر التفاعل مع حقوقهم من قبل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وخرق الدستور بل ضرب القانون عرض الحائط”.
وفي سياق مسلسل الخروقات القانونية والدستورية التي خرقه ويخرقها الحلبوسي . من خلال قيامه بارسال طلبا رسميا لرئيس الجمهورية برهم صالح يطلب منه تعيين رئيس وزراء بديل خلفا لعبد المهدي الذي قدم استقالته 2019 حيث أكد مراقبون بأن الحلبوسي وبعد فشل وسيلته “بنزع سترته امام الجماهير” يحاول البحث عن أساليب جديدة لكسب رضا الشارع العراقي والتي كان آخرها مفاتحة رئيس الجمهورية بتعيين رئيس جديد لمجلس الوزراء والتي تعد مخالفة قانونية بحد ذاتها، وأكد النائب عن تحالف الفتح محمد كامل أبو الهيل( الكتلة التي تبّنت الحلبوسي )، ردا على ما قام به الحلبوسي من خلال قيامه بمفاتحة رئيس الجمهورية برهم صالح بتعيين رئيس وزراء جديد بديلا لعبد المهدي، أن “أي اجراء بخصوص تسمية رئيس وزراء جديد يجب أن تخضع للاعراف الدستورية” ، وإن “هذه العملية لاتخرج عن طور التوافق السياسي “، محذراً في اشارة الى الحلبوسي ،من “أساليب ركوب الموجة بعنوان إرضاء الشارع على حساب المكونات الأخرى”.فيما يرى قانونيون أن “رئيس البرلمان محمد الحلبوسي يجهل تماما البنود القانونية لتعيين رئيس وزراء جديد”.!وفي سياق دوره بتعطيل عمل البرلمان وهو خرق دستوري آخر وصف النائب عن تحالف سائرون جمال فاخر( الكتلة الثانية التي تبنّت الحلبوسي ) مجلس النواب بأنه “ميت سريريًا”، محملًا رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، مسؤولية ذلك، لافتا الى ان
“تعطيل عمل المجلس يعتبر مخالفة قانونية وشرعية وأخلاقية ونكثا بالقسم الذي قسمناه أمام الله “.وفيما يذهب مجلس النواب الى طريق حلّه يرتكب الحلبوسي مخالفة قانونية صارخة بتوقيعه أمر تغيير اسم لجنة ” المصالحة والعشائر النيابية” وهي لجنة لاوجود لها الى اسم لجنة ” اجتثاث البعث النيابية”!وسجل بيان لتحالف عزم ستة خروقات قانونية ودستورية للامر39 الصادر عن رئاسة البرلمان في اوائل آذار 2021.وجاء في البيان :أولا. لقد استند الكتاب إلى المادة 135/ أولا من الدستور العراقي، وبمراجعة هذه المادة سيكتشف الجميع أن لا علاقة لها بأي حال من الأحوال بمضمون هذا الكتاب!
ثانيا. يستند الكتاب إلى المادة 104 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وهي مادة تتحدث عن لجنة اسمها “لجنة اجتثاث البعث” واختصاصاتها، ولكن الحلبوسي أغفل متعمدا التعديلات التي أجراها مجلس النواب على النظام الداخلي، ، فقانونيا لم تعد هناك هكذا لجنة من الأصل.ثالثا. من المغالطة ان يصدر كتاب بتوقيع رئيس مجلس النواب يتضمن أسماء لجان لا وجود لها! فليس هناك لجنة في مجلس النواب باسم “لجنة المصالحة والعشائر النيابية”! بل هناك لجنة اسمها “لجنة العشائر والمصالحة والشؤون الدينية” صوت عليها مجلس النواب. كما أنه ليست هناك لجنة في مجلس النواب باسم “لجنة اجتثاث البعث النيابية”! .رابعا. لقد صوت مجلس النواب بجلسته بتاريخ 15/10/2018 على 27 لجنة دائمية، كان من بينها لجنة “الأوقاف والشؤون الدينية”، ولجنة “المصالحة والمساءلة والعدالة”، ولجنة “شؤون العشائر”. ثم عاد المجلس وصوت في جلسة مجلس النواب رقم 12 بتاريخ 10/ 11/ 2018 على دمج هذه اللجان الثلاثة في لجنة واحدة باسم لجنة ” لجنة العشائر والمصالحة والشؤون الدينية”. ولا يملك رئيس مجلس النواب صلاحية تغيير اسم اللجنة، او أسماء الأعضاء .خامسا. حددت المادة 69 من النظام الداخلي للبرلمان على أن “تشكل اللجان الدائمية في أول جلسة يعقدها المجلس بعد إقرار النظام الداخلي”، كما اشترطت المادة 72/ ثانيا من هذا النظام على أن “”تعرض هيئة الرئاسة أسماء المرشحين لكل لجنة من اللجان الدائمة على المجلس للتصويت عليها في قائمة واحدة يتم التوافق عليها من قبل الكتل البرلمانية”. وهو ما نسفه رئيس مجلس النواب بكتابه هذا!سادسا. تضمن الكتاب عوارا غير مفهوم، عندما “عين” رئيس مجلس النواب من دون صفة، نائبه الأول عضوا في اللجنة المفترضة ، وهذا الامر ينتهك أحكام النظام الداخلي لمجلس النواب! فقد حددت المادة 35/ أولا مهام النائب الاول لرئيس مجلس النواب ومن بينها : “متابعة أعمال اللجان الدائمة ” و “تولي رئاسة الاجتماعات المشتركة للجان الدائمة “، كما قررت المادة 72/ ثانيا ان من مهام النائب الثاني أن يترأس “اجتماعات اللجان الدائمة عند حضوره ولا يحق له التصويت”! وهذه المواد تتناقض مع بدعة أن يكون النائب الأول عضوا في لجنة دائمية؛ فكيف يمكن له ان يكون عضوا في لجنة دائمة وفي الوقت نفسه هو من يتابع أعمالها؟ وكيف يمكن له أن يكون عضو لجنة دائمة وفي الوقت نفسه يترأس أي اجتماعات مشتركة للجان الدائمية؟ وكيف يمكن ان يكون عضو لجنة دائمة في جلسة للجنة يترأسها النائب الثاني في حالة حضوره؟إن هذه الانتهاكات الواضحة، والتي تثبت ما كنا نقوله دائما من عن عدم التزام رئيس مجلس النواب بالاطر القانونية في عمله، يثبت أن ثمة “هدف سياسي” هو الذي دفع به إلى إصدار هكذا كتاب مليء بالانتهاكات القانونية، والاخطاء، وتجاوز الصلاحيات، يتمثل في محاولة الاستخدام السيئ للسلطة من أجل مآرب شخصية وانتخابية، لاستهداف المنافسين في سياق الانتخابات المبكرة. كما ان هذا الكتاب يقضي على فكرة الانتهاء من ملف المساءلة والعدالة المسيس وتحويله إلى ملف قضائي الذي كان مكبلا دائما للقوى السياسية السنية منذ العام 2010، كما كان هذا الموضوع جزء من البرنامج الانتخابي لحكومة السيد حيدر العبادي في العام 2014، وهو يطيح بفكرة “الحوار الوطني لانقاذ العراق” الذي طرحه السيد رئيس مجلس الوزراء في وقت سابق.الوسط السياسي والمحللون استغربوا صدور هذا الامر بعد مرور ١٨ عاماً على قانون اجتثاث البعث الذي أقصى الكثير من الكفاءات والنخب السياسية وحرمها من حق المشاركة بالانتخابات واستخدم استخداماً سيئاً وتمييزيا.ان إعادة تنشيط هذا القانون مجددا بالتزامن مع الدعوات الكثيرة لفتح حوار شامل لإنقاذ العملية السياسية من الاستعصاء الذي تعاني منه ، تثير المخاوف من استخدام هذا القرار المريب لضرب الخصوم سياسىيا وان يتم تجييره لصالح جهات أخرى، ونقول بأننا مقبلون على صفحة جديدة من تاريخ العملية السياسية بدعوات الحوار والمصالحة الحقيقة كما أعلنها السيد رئيس مجلس الوزراء واكدت عليها قوى سياسية وطنية بضرورة احتواء الجميع حتى لا يتحول الصراع بين الكتل بما يضر بمصلحة العراق وشعبه.قلنا دائما واكدنا ان تحويل هذا الملف الى سوح القانون والعدالة من شأنه ان يرطب اجواء التوتر في البلاد ويغلق صفحة طالما تم استخدامها سياسياً لاقصاء الآخرين.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *