ماذا اقول لجدتي التي وافاها الاجل ولم يحالفها الحظ لرؤية شكل الدولار ، وماذا اقول لابي الذي لم يوَفَقْ لملامسة صورة المحروس جورج واشنطن او لينكولن المطبوعة على هذه الورقة الملعونة، الذي يعتقد الكثير من الناس بأن رائحتها اطيب من رائحة المسك وافخر من روائح العطور الفرنسية،حتى وان كانت متهرئة وممزقة كونها تجعل من يمتلكها يشعر بالقوة والثقة بالنفس وقادراً على التفكير براحة واسترخاء كأنه خارج التغطية بالمطلق والقياس مع الفارق، وربما ستصنف هذه الورقة ذات يوم من المسكرات او احدى العقاقير والمؤثرات العقلية،كونها اصبحت من العملات التي تحدد منسوب ارتفاع او انخفاض طبيعة الاستقرار النفسي للمجتمعات وتؤرق تفكير الكثير من الحكومات .الارهاب وتخريب الاقتصاد وجهان لعملة واحدة،ينبغي ان يندرجا ضمن نفس المادة القانونية الموجودة في قانون العقوبات ، ومن لايدرك خطورة هذا الموضوع واهمية الحفاظ على مكانة العملة العراقية فعليه ان يراجع طبيب عيون . الدينار سيادة واعلاء قيمته مهمة وطنية وشرعية واخلاقية ، وهو بمثابة سلاح نوعي ونهراً ثالثاً يدعم الاستقرار وإعادة الإعمار ويطوّر مشاريع التنمية المستدامة الذي نحارب به لقطع الطريق امام المستغلين وتجار الازمات، ولا يمكن الذهاب لهذا المفهوم إذا لم نحقق هدف رفع منسوب الوعي والمواطنة ونشر ثقافة الشعور العالي بالمسؤولية من قبل الأيادي الشعبية تجاه اهم القضايا الوطنية المصيرية الحساسة ،لكي تساهم بشكل عملي برفع قيمة الدينار من خلال الوصول لأول الاهداف الاستراتيجية وجعل ثقافة التعامل المالي في السوق بالعملة الوطنية فقط بدلاً من ثقافة التعامل بالدولار.لابد من تظافر جميع الجهود ومنها تبني البرلمان لمهمة الدفاع عن العملية الوطنية من خلال ادخال مواد دستورية وتشريعات وقوانين جديدة وصارمة تستند عليها جميع اجهزة انفاذ القانون ، ولابد من وقوف الاعلام الوطني بكافة اشكاله لتحقيق هذا الهدف النبيل والسامي الذي يدك ركائز كونكريتية في اعماق اسس اقتصاد الدولة العراقية، كمرحلة اولى للوصول الى موضوع مكافحة الفساد وبناء دولة المؤسسات وتحقيق تطلعات الحكم الرشيد ، الذي له القدرة على شل حركة كل من يراهن على بقاء العراق ضمن المراتب الاولى في مؤشر مدركات الفساد.ان عملية التمرد من قبل بعض الجهات على القوانين والانظمة واستمرارها بتغليب الميول الشخصية فوق المصلحة الوطنية وحياة المواطن، والمساهمة بتخريب العملة العراقية والاقتصاد الوطني يعد اعلان حالة حرب على الشعب والدولة ، ومحاولة لتقويض الجهود الرامية لتعزيز مكانة الدينار العراقي ومنع تدهوره كما حدث مع بعض الدول في المنطقة ، لذلك أصبحنا جميعاً باختبار حقيقي أمام عدم تغوّل الدولار الذي كان له دور كبير في تنامي ظاهرة الفساد وتجارة المخدرات وتهريب النفط .
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *