حمّل وزير خارجية إيران السابق، محمد جواد ظريف، الولايات المتحدة، ونظام حزب البعث العراقي، مسؤولية سقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي. اعتبر ظريف أن العراق يتحمل جانباً من مسؤولية فرض العقوبات الأمريكية على بلاده في قطاع الطيران وسواهها من ميادين التكنولوجيا المتطورة. ظريف قال نصف الحقيقة، فالعقوبات كانت أمريكية بالفعل لكن العراق ليس طرفا فيها. لقد فرضت الولايات المتحدة العقوبات والحظر على السلع التكنولوجية المتطورة إلى إيران في أعقاب أزمة احتجاز الرهائن في السفارة الأمريكية في طهران في تشرين الثاني 1979، أي قبل اندلاع الحرب بين ايران والعراق. وكانت هذه العقوبات جزءًا من حزمة واسعة من العقوبات فرضتها إدارة الرئيس جيمي كارتر للضغط على إيران لإطلاق سراح 52 دبلوماسيا وموظفاً أمريكيا احتجزتهم حكومة الخميني لمدة 444 يوماً في مبنى السفارة الأمريكية في طهران حتى نيسان 1980. الجانب الأكثر إثارة في الموضوع هو أن الولايات المتحدة نفسها نقضت سراً قرار حظرها تصدير التكنولوجيا المتطورة والسلاح إلى طهران عام 1985 اثناء الحرب العراقية الإيرانية عندما قررت دعم إيران في حربها ضد العراق. لا يخفى أن ايران حاربت العراق لمدة ثمان سنوات بترسانة السلاح الأمريكي الجبارة التي ورثتها عن الشاه، وان طائراتها الأمريكية المقاتلة نوع إف-5 واصلت ضرب اهدافها في العراق طيلة فترة الحرب بفضل قطع الغيار والمعدات الحربية الأمريكية التي حصلت عليها ايران عبر إسرائيل من دون مشاكل تذكر، والتي تكشفت تفاصيلها على شاشات التلفزيون بعد افتضاح قضية “ايران- كونترا”. كانت هذه الصفقة السرية المعقدة قد طُبخت في عواصم عديدة وعلى رأسها تل أبيب، وتمخض عنها سلاح وتكنولوجيا متطورة إلى إيران في حربها ضد العراق برعاية اسرائيلية مقابل دعم مالي وعسكري للمتمردين في نيكاراغوا. آخر كتاب قرأته يتضمن إشارة حول الموضوع كان من تأليف ساشا بولاكو- سورانسكي، نائب رئيس تحرير مجلة (سياسة خارجية) الأمريكية الذي كرس صفحات منه لشرح دوافع إسرائيل وراء تحالفها مع نظام الخميني ودعم الجيش الايراني، وخلاصتها هي أن أولوية إسرائيل كانت القضاء على خصمها العراقي اللدود الذي عدته تل أبيب الخطر الأكبر الذي يهدد وجودها. إن تدهور العلاقة بين واشنطن وطهران، وفقدان طهران حظوتها لدى واشنطن، كان نتيجة سوء تقدير إيراني حدث عام 1979 لا علاقة للعراق به من بعيد أو قريب. واليوم، يحاول الساسة الإيرانيون التقرب من واشنطن، وتبرير أخطائهم السياسية بتحميل العراق مسؤوليتها، لأنهم يدركون تماماً أن العراق ضعيف ولا يستطيع الدفاع عن نفسه وعن تاريخه.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"