انطلاقاً من المبدأ الذي قد ولى عليه الزمن بان الشعب مصدر السلطات، هذا المبدأ وان كان حقيقة واقعة بحيث كانت الحكومات والانظمة تخاف وتتوقع كل الاحتمالات الواردة من ردة فعل الجماهير عندما كانت تقرر في موضوع عام وحيوي، لأن الجماهير هو من أوصلهم الى سداد الحكم ولا يجب عليهم الخروج من ما تم الاتفاق بينهم وإن كان بشكل ضمن.الحياة بكل ما فيها تخضع لقانون التغيير بفعل المؤثرات العديدة سواء ما كان متعلقاً بالزمن او المكان او حتى الانسان نفسه، هذا التغيير يدفع بالانسان الى قبوله والتكييف معه بل كان ولا يزال العديد من التغييرات من فعله ونتيجة تفكيره. المبدأ المشار اليه، خضع للتغيير فبعد ان كان الشعب مصدر السلطات والقوة الكامنة والدافعة للسلطات، تحول الى كأس للتجارب وإجراء الاختبارات المتنوعة عليه للحصول على نتائج، فالأنظمة الحاكمة بمختلف توجهاتها وألوانها تحاول دراسة حالة الشعب ومدى قبوله لمشاريعه وقراراته وماذا سيكون موقفه وردة فعله وكيف يتم معالجته ؟كل ما يجرى من احداث وازمات تستفاد منها حكومات الدول لمعرفة درجة قبول الشعب وقوة رده بل باتت الشعوب حقلاً للتجارب وتستطيع الحكومات ان تفعل بها ما تشاء فكم من جميل صوره الحكومات لشعوبها انه القبيح والعكس صحيح أيضاً، وكم من مهمٍ جعله تافهاً غير مفيد وكم من غثاء كغثاء السيل نقله عبر قنواته بانه العصا السحرية في قوتها لتغيير الواقع الى الأفضل بل أنه ضروري لادامة الحياة وهكذا.
هذا ما معناه ان الشعوب بشرقها وغربها مع الاختلاف في النسبة باتت كأساً شفافاً ولكنها تتلون بالون الذي يرغب حكومات هذه الشعوب ان تظهر بها وفق ما يصب فِيهِ. من اجل معرفة قوة ردة فعل أبناء الشعب غالباً ما تلجأ الحكومات الى اجراء الاختبارات اللازمة وتجرى دراسات متخصصة للوصول الى مبتغاها، سواء كانت هذا الاختبار في اي جانب من جوانب الحياة، صحيح ان الجميع يرى ويسمع ما يجرى من احداث ولكن القلة منهم من يعرف الأسباب الكامنة من وراء هذه الأحداث ومن هو المستفيد او المتضرر، أسلوب اختبار الشعوب كان ولا يزال معمولاً به ولكي لا نذهب بعيداَ ففي بدايات القرن المنصرم عمدت سلطات إحدى المدن الالمانية الى فتح ابواب مكان حجز الاسود في حديقة الحيوانا أثناء زيارة المواطنين لهذه الحديقة لمعرفة مدى استعدادهم للدفاع عم أنفسم وعلى الرغم من ارتفاع صراخ الاطفال والنساء وهروبهم إلا أن الملفت للنظر هو توجه الرجال الى اسلحتهم للدفاع عن انفسهم وعوائلهم وأستنتجت السلطات ان الشعب مستعد للقتال في سبيل وطنهم ولا يزال الروح الوطنية جاريا في عروقهم وان قرار الدخول الى حرب ما سيكون مقبولا، كما أنه في العراق وفي السبعينيات القرن الماضي انتشر أسم ابو طبر كرجل قاتل وناهب شرس وكانت تأويلات الناس حوله متعددة ولكن الاقوى من بينها انها كانت فترة اختبار ارادة الشعب ومدى استعداده للدفاع عن نفسه وماله ووطنه، وفي عصرنا الحالي ما أكثر هذه الاحداث التى ترتأي من وراءها السلطات القائمة الى معرفة ميول الشعب وتوجهاتهم وقد يكون بداية لرسم طريق ما والتوجه اليه او اصدار قرار ما.نلخص الى القول بان الشعوب هي من تختار من يقودها وما ان يصلون اليه فيبدأون باختبارهم فبات الشعب كأسا تظهر بلون ما يسكب فيها من قبل حكوماتها.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *