تُعد الصحافة في العراق جزءاً لا يتجزأ من الحياة العامة، حيث كانت ولا تزال نافذةً مهمةً على العالم وأداةً لنقل الحقيقة والتواصل بين مختلف فئات المجتمع. يصادف عيد الصحافة العراقية في الخامس عشر من حزيران كل عام، ليكون مناسبة للاحتفاء بإنجازات الصحافة العراقية، وتقدير جهود الصحفيين الذين بذلوا جهوداً كبيرة لنقل الأخبار وتوثيق الأحداث رغم التحديات الجسيمة. تعود جذور الصحافة العراقية إلى القرن التاسع عشر، مع إصدار جريدة “الزوراء” عام 1869، وهي أول جريدة تصدر في العراق خلال العهد العثماني. منذ ذلك الحين، شهدت الصحافة العراقية تطورات كبيرة، فقد زادت عدد الصحف والمجلات، وتنوعت أساليب التغطية الإخبارية لتشمل الأخبار السياسية والاجتماعية والثقافية. حققت الصحافة العراقية إنجازات هامة على مدار تاريخها، ولعل أبرزها ما شهدته الصحافة العراقية من تطور ملحوظ في نوعية وسائل الإعلام، حيث تنوعت بين الصحف اليومية والأسبوعية، والمجلات، بالإضافة إلى وسائل الإعلام الإلكترونية في العصر الحديث. كما لعبت الصحافة الاستقصائية دوراً بارزاً في كشف العديد من قضايا الفساد والانتهاكات، ما عزز دور الصحافة كسلطة رابعة تراقب أداء السلطات الأخرى. بعد سقوط النظام السابق عام 2003، شهدت الصحافة العراقية طفرة في حرية التعبير، مع صدور العديد من الصحف والمجلات المستقلة، وتأسيس قنوات فضائية ومواقع إلكترونية متعددة وأبرزها على صعيد شبه رسمي والمتمثل شبكة الإعلام العراقي وصحيفة الصباح. وفي ظل هذا الألق الصحفي لم تكن الصحافة العراقية بعيدة عن مواجهة التحديات، فخلال فترات مختلفة من التاريخ العراقي، تعرضت الصحافة للرقابة الشديدة والقمع، خاصة خلال فترة حكم صدام حسين، حيث كانت الصحف تخضع لرقابة صارمة، وكانت المعارضة تعاني من التهميش والقمع واستمرت في بعض الحالات حتى بعد تلك الحقبة من توسع حرية الصحافة بقي الصحفيون يواجهون مخاطر مختلفة. إضافة إلى ذلك يعاني قطاع الصحافة من ضغوط اقتصادية كبيرة، حيث يعتمد العديد من الصحف على التمويل الخارجي، ما يؤثر على استقلاليتها، بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى التمويل اللازم لاستمرار الصحف والمجلات. وضمن هذه المحطات التي أسهمت في بزوغ الصحافة العراقية، وعمل على ارتقائها العديد من الصحفيين الذين نذكر منهم، (توفيق السويدي) أحد رواد الصحافة العراقية، والذي أسس صحيفة “العراق” عام 1908، ولعب دوراً كبيراً في تطوير الصحافة العراقية خلال فترة الحكم العثماني. وكذلك (جعفر الخليلي) الذي أسس مجلة “الهلال” الثقافية، وكان من أبرز الكتاب والصحفيين، الذين أثروا الحياة الثقافية في العراق. وأيضاً من الأسماء البارزة في الصحافة الحديثة (صباح ياسين)، الذي أسس عدة صحف ومجلات، وساهم في تعزيز حرية التعبير بعد عام 2003. وكذلك الصحفي (حسين عبدالله حسين)، الذي أسس جريدة “النهار” العراقية، وكان من المدافعين عن حرية الصحافة وحقوق الإنسان. وصولاً للصحفي البارز (أحمد عبد الحسين)، الذي يترأس هيئة تحرير صحيفة الصباح، الذي عرف بأسلوبه الفريد والموضوعي في عرض الأخبار والمقالات وتحليل الأحداث بعمق وموضوعية والتزامه بالمعايير الأخلاقية. إن عيد الصحافة العراقية هو مناسبة للاحتفاء بتاريخ طويل من العمل الجاد والجهود المضنية، التي بذلها الصحفيون لنقل الحقيقة وخدمة المجتمع. ورغم التحديات الكبيرة التي واجهتها الصحافة العراقية، فإنها استطاعت تحقيق إنجازات هامة جعلتها تحتل مكانة بارزة في العالم العربي. ومع استمرار التحديات، يبقى الأمل معقوداً على الأجيال الجديدة من الصحفيين لمواصلة المسيرة وتحقيق المزيد من الإنجازات.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"