12 Jun
12Jun

هناك من يُنسب سلوك الانسان السيء الى تربيته ورداءة التوجيه الذي تلقاه من أبويه أو القائمين على نشأته الاولى منذ طفولته ، وقد أشار علم النفس الحديث الى ذلك بعد أن رأى بأن الظروف الاجتماعية التي يتفاعل معها الانسان داخل بوتقة المجتمع هي التي تصنع سلوكه الحقيقي بنسبة كبيرة بعد أن يتفاعل معها وفق ما يتطلبه الموقف الذي يمر به خاصة أذا كان اسير التقاليد والطبائع الموروثة منذ القدم التي تتصادم مع التطور التكنلوجي العالمي بالذي غزى أرجاء الارض ، فتراه متقلباً في السلوك تماشياً مع مصلحته التي تتطلب منه عمل هنا وآخر مخالف هناك ، وثمة من يقول بأن للماضي أو ما خزنه ( العقل الباطن ) في الشخص دور مهم في فرض احداث قديمة على سلوكه الحالي مثل الحب والكره والانتقام والآلام والافراح التي تلقاها في مرحلة سابقة من حياته وغيرها من الاحداث التي خزنت في ذاكرته منذ الماضي البعيد فأن جميع تلك الاحداث ستمنحه فيضاً جديداً من السلوك المبني على اساس ذاكرة تلك الحقب ليتخذ منها الدروس والعبر في سلوكه الجديد الذي يظهره من خلال تـــفاعله الاجتماعي .


عوامل سيئة
ان للام والاب والمربين بشكلٍ عام دور نسبي في نشأة شخصية الانسان حيث تبقى تقاليد المجتمع وظروفه المتغيرة هي الركيزة الكبرى التي يستمد منها الشخص سلوكه ، ولو نضرب مثال ماحصل في المجتمعات التي غزاها الفساد في مؤسساتها بسبب ضعف حكوماتها ، فلا بد للشخص الذي يعيش وسط هذا النوع من المجتمعات ان يتأثر بشكل أو بآخر بتلك العوامل السيئة على الرغم من حسن التربية التي تلقاها في طفولته فلا يوجد أب وأم في العالم ينشئون اولادهم بشكلٍ فاسد الا اذا كانوا من شذاذ المجتمع وهذه حالات نادرة تحدث عادة في العوائل المفككة التي قهرتها الظروف الاقتصادية وشتتت افرادها فاختلاف سلوك الفرد يرتبط بالظروف المحيطة به بشكلٍ أو بآخر ، فهو صنيعة من صنائع مجتمعه المليء بالصراعات المتنوعة التي تقودها المصالح الشخصية وقد تفرض عليه المواقف أن يكون متقلباً في تصرفاته يكذب ويراوغ ويسرق ويتملق تارة ويحقد ويتنافس مع الغير ويسعى الى الانتقام تارةً اخرى وبذلك يعم الخراب تلك المجتمعات وتنشئ الاجيال بشكلٍ سيئ مليء بالمشاكل والثأر والصراع العلني والخفي وهذه الصفات قد رافقت البشرية منذ الخلق الاول فلا ننسى كيف قتل هابيل اخوه قابيل وكيف توعد الشيطان خالق الوجود سبحانه ان يغوي البشر وينشر العداء بين افراده .


مؤسسات الدولة
نرى ان للحكومات العادلة دور فاعل في هذا الموضوع فكلما كانت مؤسسات الدولة قوية  متماسكة وعادلة مع الجميع كلما تقلصت المشاكل داخل بلدانها لتنعكس بشكل ايجابي على سلوك مجتمعاتها في البيت او الشارع أو في مكان العمل ايضاً كما حصل في اكثر الدول الاوربية بعد الحرب العالمية الثانية وخاصة الرأسمالية منها بعد أن ظهرت بهذا الوجه الديمقراطي الحقيقي القائم على اساس الاحترام والحرية ، على خلاف الكـــثير من المجتمعات العربية المضطهدة التي ابتليت شعوبها بحكام قُساة يحملون النزعة الدكتاتورية الاجرامية كما رأينا في الحكومات البائدة التي ابتليت بها بعض الدول بعد أن بنوا السجون والمعتقلات العميقة الملطخة بدماء  الكثير من دعاة الاصلاح الذين  يدعون  الى الحرية والديمقراطية والحياة الكريمة … ملخص القول هنا يؤكد على أن شخصية الانسان في النهاية تصنعها الظروف الاجتماعية وليس التربية.


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة