في السنوات الأخيرة، أصبحت ظاهرة الفشنيستات في العراق موضوعًا مثيرًا للجدل والنقاش. رغم أن البعض يراها تعبيرًا عن الانفتاح الثقافي والتقدم الاجتماعي، فإن هناك جانبًا مظلمًا يستحق النقد والتأمل. هذه الظاهرة، التي تعتمد بشكل كبير على منصات التواصل الاجتماعي، تروج لقيم سطحية ومادية قد تكون ضارة بالمجتمع العراقي، خصوصًا بين الشباب والمراهقين.أحد أبرز الانتقادات التي توجه للفشنيستات هو التركيز المفرط على المظاهر الخارجية والجمال السطحي. في مجتمع يعاني من تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة، يكون من غير المعقول أن يكون الهوس بالمظهر الخارجي هو محور الاهتمام. هذا التوجه يمكن أن يؤدي إلى خلق ضغوط نفسية كبيرة على الشباب الذين يشعرون بضرورة مواكبة معايير الجمال المثالية التي يروج لها الفشنيستات. هذه الضغوط يمكن أن تتسبب في انخفاض مستوى الثقة بالنفس والرضا عن الذات، مما يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للفرد.علاوة على ذلك، غالبًا ما يتم تجاهل القيم الحقيقية والمهمة مثل التعليم، العمل الجاد، والأخلاق في ظل هذا الهوس بالمظاهر. الفشنيستات يشجعون على نمط حياة قد يكون بعيدًا عن الواقع الذي يعيشه معظم الناس في العراق. بينما يستعرضون منتجات فاخرة وأساليب حياة باذخة، يبقى العديد من العراقيين يكافحون لتلبية احتياجاتهم الأساسية. هذا التناقض بين الواقع والمثالية يمكن أن يزيد من شعور الاستياء والإحباط بين الناس.جانب آخر من النقد يتعلق بالتأثير السلبي على الثقافة والقيم المحلية. الفشنيستات غالبًا ما يتبنون أساليب وأنماط حياة مستوردة من الغرب. روابط تقليدية مما قد يؤدي إلى تآكل القيم والتقاليد المحلية. هذا الانسياق وراء الثقافة الغربية يمكن أن يفقد المجتمع جزءًا من هويته الثقافية ويضعف الروابط التقليدية التي كانت تجمع الناس معًا.إضافة إلى ذلك، يجب النظر إلى الجانب الاقتصادي لهذه الظاهرة. الفشنيستات غالبًا ما يتلقون أموالًا كبيرة من الشركات للترويج لمنتجاتها، مما يثير تساؤلات حول مصداقيتهم وأهدافهم الحقيقية. هل هم فعلاً يعبرون عن آراء حقيقية أم أنهم مجرد وسيلة تسويقية؟ هذا الاندماج بين الحياة الشخصية والترويج التجاري يمكن أن يكون مضللًا للجمهور ويؤدي إلى فقدان الثقة في المحتوى الذي يقدمونه.من المهم أيضًا النظر في تأثير هذه الظاهرة على العلاقات الاجتماعية. الفشنيستات يروجون لنمط حياة قد يكون بعيدًا عن الواقع الذي يعيشه معظم الناس، مما يمكن أن يؤدي إلى شعور بالانعزال والاغتراب. يمكن أن يشعر الأفراد بأنهم غير قادرين على تحقيق ما يرونه على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يزيد من الفجوة بين الحلم والواقع.في النهاية، على المجتمع العراقي أن يعيد التفكير في قيمة وتأثير ظاهرة الفشنيستات. بينما يمكن أن تكون هذه الظاهرة تعبيرًا عن حرية الفرد وحقه في التعبير عن ذاته، يجب أن تكون هناك وعي أكبر بتداعياتها السلبية. يجب تشجيع الشباب على التركيز على قيم التعليم، العمل الجاد، والأخلاق بدلاً من الانسياق وراء المظاهر السطحية. فقط من خلال تحقيق هذا التوازن يمكن للمجتمع أن يزدهر ويحقق تقدمًا حقيقيًا ومستدامًا.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"