26 Jun
26Jun

أثار مشهد هروب (فهد) من بيت مواطن بغدادي،تساؤلات كثيرة عن دوافع تربية الحيوانات المفترسة في المنازل،ومبررات استيرادها، وعن موقف القانون من تربية الحيوانات المفترسة في المناطق السكنية،وعن الوضع الإقتصادي للطبقات الإجتماعية القادرة على شراء النمور والأسود والفهود والذئاب بأسعار وكلف مرتفعة ، فتربية هذه الحيوانات يحتاج إلى مساحات واسعة وإلى راتب شهري ومخصصات طعام وعلاج وخطورة ، وربما سيارة خاصة وخادم افريقي متخصص بترويض الفهود الافريقية وجعلها قادرة على التجوال وعبور الشوارع من المناطق غير المخصصة للعبور أسوة بالمواطنين ، كما ظهر في الفديو الذي ضجت به وسائل الإعلام العراقية والعربية والأجنبية،ومثار هذه الدهشة الكونية هو سر تغيّر سلوك الفهد الهارب الذي لم يعد يشبه فهود العالم في سرعتها ووحشيتها،فقد ظهر "فهدنا" هادئاً متبختراً خلال عبوره الشارع ومروره من أمام السيارات ،على الرغم من السرعة الشديدة التي تتميز بها الفهود، وكأنه خارج للنزهة او التفتيش في شوارع المنصور ومنطقة الداوودي وليس هارباً من بيت الطاعة، وحسب قول العارفين بتربية الحيوانات المفترسة فإن مالكيها يجرون لها عمليات(تحوير)قاسية،ويقتلعون أسنانها وأظافرها لتصبح أقل خطراً على أسرهم الكريمة،وهذا ما يفسّر ظهور هذا الفهد المفترس وكأنه كلب سائب ، مثلما تخضع القطط والكلاب إلى عمليات جراحية،من بينها استئصال الرحم لمنع الحمل ، ولاندري ماهي الجدوى والمتعة من هذا التعامل الوحشي المتمثل بسلب الحيوانات المفترسة لأسنانها ومخالبها وطبيعتها وبيئتها من أجل إمتلاكها والتباهي بها وهي مسلوبة القوة والإرادة؟ وتحت أي عنوان يتم إستيراد الحيوانات المفترسة التي توشك على الإنقراض ؟ وهل تدخل البلاد بموافقات وضوابط وشروط أم تدخل عبر التهريب مثل المخدرات التي تفترس الشباب في الشوارع والمقاهي والمدارس والمجالس ؟ ومن هي الجهة التي تمنح إجازة حيازة الحيوانات المتوحشة ، التي لاتقل خطورة عن حيازة وحمل السلاح؟ثم ماذا نقول لأصحاب المواشي التي تمنع الفرق الصحية تجوالها في المناطق السكنية ، وماذا نقول عن مطاردة شرطة البيطرة للكلاب السائبة التي ليس لها صاحب ولا مالك ولا ظهر يحميها؟والأهم ماذا تقول الناس عن مظاهر الثراء الفاحش الذي يكشّر عن أنيابه ويروّض الوحوش ؟ ماذا يقول أصحاب الدخول المحدودة الذين يسكنون أقفاصاً بمساحة خمسين متراً مربعاً ولايستطيعون تربية دجاجة أليفة في بيوتهم الصغيرة؟ شكراً لهذا الفهد الهارب الذي أوصل بمسيرته الاحتجاجية الصامته صرخة إستغاثة لمنظمات الدفاع عن حقوق الحيوان،وشكرا لهذا الفهد الذي أثار التساؤلات الحادة في ملف حقوق الانسان ، وكشف المستور والتفاوت الطبقي اللامستور ومخاطره على المستقبل المنظور واللا منظور.


* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *
 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة