10 May
10May

النظريَّة السياسيَّة الرابعة وتشكل  عالم متعدد الأقطاب د.عبد الواحد مشعلمن يقرأ التاريخ بدءاً من الحرب العالمية الأولى، لا سيما بعد بزوغ فجر الثورة الروسية عام 1917 الى المرحلة الحالية يجد تحولات واسعة في السياسية الدولية، تبلورت بتشكل نظام أيديولوجي ثنائي يعاكس بعضه البعض تماما أيديولوجية الرأسمالية يقابلها الأيديولوجية الاشتراكية  حتى كان اندلاع الحرب العالمية الثانية وتحقيق الجيش الأحمر نصرا كبيرا على الهتلرية، ليدخل الاتحاد السوفيتي بثقله السياسي والعسكري والتقني للساحة العالمية كقطب ثنائي يقابله القطب الرأسمالي الولايات المتحدة الأميركية واوروبا الغربية، ليدخل العالم مرحلة الحرب الباردة حتى انقسمت دول العالم الأخرى في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية على قسمين كل قسم منها انضوى تحت جناح أحد القطبين، وحتى تلك الدول منها التي حاولت تكوين لها منطقة حياد أو ما أطلق عليه دول عدم الانحياز، لم تتمكن بالمعنى الكامل التخلص من هذا الانضواء تحت جناح هذين القطبين، إلا أن ما يحقق لها حرية القرار الوطني المحلي، وعلى الرغم من أن النهج الاشتراكي قد حقق انجازات إنسانية مهمة، إلا أن ثمة قضية بقية ناقصة في تحقيق الحاجات الإنسانية للأفراد، والطموح الفردي في الملكية الخاصة. فضلا عن ظهور فروق معيشية بين المواطن السوفيتي وأبناء الزعامات السوفيتية، ولاسيما في النصف الثاني من القرن العشرين، حتى حركت مشاعر الناس، وأدت الى طرح تساؤلات كثيرة حول ماهية الاشتراكية نفسها، ما جعل في المحصلة النهائية الظروف مواتية للاستجابة لتأثير متغيراتها اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية كانت تحيط بالعالم آنذاك، ما ساعد على انهيار الاتحاد السوفيتي، والمنظومة الاشتراكية في أوروبا الشرقية وتزعزع نظم أخرى حول العالم كانت تسبح في فلك الاتحاد السوفيتي، وما نتج عن ذلك من صراعات وحروب وأزمات، ومع تفكك الاتحاد السوفيتي وظهور روسيا كدولة مهمة لها ثقلها الدولي، حتى بدأت تطرح أفكارا جديدة تريد تصيغ لروسيا توجه سياسي جديد ينبع من إرثها التاريخي وثقافتها الوطنية، فكانت أفكار الفيلسوف الروسي (الكسندر دوغين) قد تبلورت تحت طرح جديد، وهو ما يعرف بالنظرية السياسية الرابعة التي على وفقها سيتبلور - حسب رؤية دوغين - المسار الأيديولوجي والسياسي الروسي، إذ يرى أن لروسيا نظرية سياسية تعبر عن حضارتها رافضا الأيديولوجيات الثالثة، التي حكمت العالم في التاريخ الحديث وهي الليبرالية والفاشية والاشتراكية، لتكون نظريته السياسية الرابعة مرجعها الإرث الحضاريالروسي تعبر عن قيمه ومبادئه، وتحترم كل الثقافات الأخرى، وفي رؤيته هذه أن لكل حضارة نظريته الخاصة بها، فهناك نظرية خاصة بالصين و نظرية خاصة بالعالم الإسلامي ونظرية خاصة باليابان وهكذا الشعوب الأخرى، وهو يطرح فكرة عالم متعدد الأقطاب ولكل قطب نظريته المعبرة عن ثقافته وحضارته وأي خضوع لأي شعب من الشعوب للأيديولوجيات الأخرى خارج بيئتها الحضارية، تعد – حسب وجهة نظر الكسندر دوغين- أيديولوجيات أو نظريات استعمارية.

* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *
 

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة