من المعلوم أن الانتماء الحقيقي للوطن هو التضحية والعطاء والصدق بالانتماء والابتعاد من التصرفات الرخيصة والقيم الهابطة والسلوك المنحرف، لأن من أعلى درجات الانتماء الذي يصل إلى درجة الفداء والتضحية « والجود بالنفس اقصى غاية الجود»، والمصلحة الشخصية فيه لا تقف امام العمل الجاد، ولا تغير السلوك، لأن صدق الانتماء هو الأساس، وصاحب الموقف والمبدأ لا تهزه الرياح، ولا تغريه المناصب او المال. وعندما تختلط الأوراق وتهبط القيم يستطيع المنافقون اصحاب الألسنة المراوغة، والحركات السيركية، القدرة على أن يخدعوا الناس بألسنتهم ويوهموا الآخرين بسلوكهم والانبهار بهم، فتارة يتلونون بالدين، وتارة بالوطنية، وأخرى بالانتماء والإخلاص. وما اكثر المتلونون اليوم « لاكثرهم الله» من بعض الاعلاميين او الذين يتظاهرون على انهم محللين او مفكرين خرفين او من البرلمانيين الذين كذبوا على ناخبيهم على انهم مستقلين وبالتالي هم تابعين لاحزاب السلطة وبعض المسؤولين او من ذابوا داخل الاحزاب مقابل ثمن بخس عندما يظهرون على وسائل الاعلام ويتحدثون عن الصدق والنزاهة والعفة والشرف وبالتالي هم الذين ينطبق عليهم قوله تعالى واذا قيل لهم لاتفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون * الا انهم هم المفسدون ولكن لايشعرون) البقرة. 11,12 هؤلاء الذين انتكست قلوبهم، وانعكست ابصارهم ، فاصبحت ترى الفساد صلاحا والصلاح فسادا، والحق باطلا والباطل حقا تبعا لتقدير قلوبهم ونفوسهم المريضة يتحدثون عن مواضيع بغير اختصاصهم ويغردون خارج السرب ونتيجة هذا التلون النفسي المهين، تراهم ينتقلون من فضائية الى اخرى ومن حضن هذا المسؤول او رئيس الحزب والكتلة الى اخر تبعا لمصلحتهم الشخصية والنفعية. وهم ليسوا سوى حفنة من الطبالين والرداحين موجودون في كل مكان وزمان. الذين سلخوا جلودهم وبدلوها بجلود جديدة تتلاءم والمرحلة, يتلونون كالحرباء إذا كانت على غصن الشجرة يتبدل لونها إلى لون غصن الشجرة ، (غش و اختفاء بالمصطلح العسكري).. والعجيب أن البعض من هؤلاء النفعيين لا يزالون يعيشون على هذه العادة السيئة, يجيدون التفنن في استخدام أساليب النفاق والكذب والتلفيق و أصبحت هواياتهم ومتعتهم تلويث سمعة كل شريف ونظيف وإنهم يتباهون بالكذب والافتراء والتزلف في مجالسهم. (في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون)البقرة10 ولكن الوضع المأسوف عليه هو وصولنا إلى حالة وأجواء يسود فيها التلوث اللفظي بسبب فئة أوجدت له البيئة المناسبة وأصبحت ترفع من وتيرة حمى التراشق وتبادل الاتهامات والإساءة التي لا تعكس عراقة الشعب العراقي وثقافته ووعيه ، فأصبح بناء وجهة النظر حول الآخر، يتم مسبقاً ويعبر عنها بقسوة دون مراعاة لعوامل الترابط الاجتماعي والحياة المشتركة وكأننا في حالة تناحر وتنافر، فكل يريد أن يثبت رأيه ويحشد حوله المؤيدين بصرف النظر إن كان على خطأ أو صواب ودون المرور في أية وسيلة للنقاش، لكن الثابت أن الصوت المرتفع سيخسر في النهاية وليس كما يعتقد البعض، وأن الهروب من الحوار والنقــاش إلى لغة التحشيد والتجييش والكذب والتلفيق ما هو إلا دليل ضعف وإفلاس من الحجة والمنطق. تصديق أحاديث إن الكثير من هؤلاء يعتمدون لوجهين ولسانين ويظهرون لك المحبة والوداد وفي الخفاء يحرضون عليك ويفعلون المائد ويختلقون الفتن والمصائب هؤلاء ما أدناهم وما أغباهم, ومن أعجب العجاب أن البعض من السذج يصدقون احاديثهم. ((وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ)) العنكبوت 11 ابعدنا الله واياكم من شرورهم وخبثهم ونفاقهم اولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى..
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"