تمثل الرقابة وسيلة للتأكد من سير الأعمال وفقاً للقوانين والتعليمات والخطط الموضوعة بغية تحقيق النتائج المتوخاة منها.
وهي أداة لاغنى عنها في ظل غواية الفساد والانحراف، نعم يوجد من يعمل بلا رقابة ولديه مناعة ضد الشر، لكن هؤلاء ستضيع مكانتهم دون رقابة، وهذا يقودنا إلى سمة أخرى لوظيفة الرقابة تتعلق بمعرفة الأشخاص الذين يتحلون بالنزاهة ومدى صحة الإجراءات المتبعة ونجاح خطط الحكومة.
إذن الرقابة لا تعني كشف الفساد لترتيب العقاب فحسب وانما تمتد إلى ما يستهدف تسديد وتقييم وإثراء ما يصب في نجاح الحكومة في تلبية حاجات الناس، وبهذا تزول النظرة الأحادية التي طالما حددت معنى الرقابة وكأنها سيف مسلط على رقاب العاملين لانعدام الثقة بهم!.
وتكشف لنا الرقابة مدى معرفة الأفراد بمهامهم وطرق أدائها وتشخيص الأخطاء، التي تؤدي إلى رداءة المخرجات التي ستكون محلاً لاستنكار المواطنين.
وأذا ما أدركنا العيش في عالم متغيّر في جميع المجالات فإنَّ الرقابة ستكون وسيلة فعالة لكشف الفجوة بين ما هو عليه العمل وما يجب أن يكون عليه لمواكبة التغيير.
كما أن اتساع المؤسسات من حيث حجمها الذي يتوزع بين أماكن متباعدة جغرافياً، فإن الرقابة ستجعلها كياناً موحداً ومتناسقاً. إذن الرقابة عامل مهم في تطور الدولة، وأذكر حاكم دبي في معرض رده على سؤال صحفي عن سبب تطور أمارة دبي، إذ قال : وضعنا آلية تكريم سنوي للمؤسسات الثلاثة الأوائل، إلّا أننا لاحظنا من خلال المراقبة عدم اكتراث البعض، وقد بدا لهم الأمر التخلي عن الجائزة أسهل من الحرص على الحصول عليها، فأكملنا الآلية بمحاسبة المؤسسات الثلاث الأخيرة، وهنا بدأ الجميع بالحرص أما طمعاً بالجائزة أو الخوف من المساءلة. والرقابة ليست ضامنة للتطور فحسب، وانما لتجنب المشكلات كما في حالة ارتفاع سعر صرف الدولار عند غيابها عن مضاربات السوق الموازي واحتكار بيع العملة وعمليات غسيل الأموال.
عُطلت الرقابة، على الرغم من وظائفها المهمة، لعدة أسباب من أهمها: المحاصصة وتدخل النفوذ السياسي وضعف الوعي بأهميتها من قبل الجمهور الذي أغفل دوره في ممارسة أعلى درجات الرقابة المتمثلة برقابة الرأي العام، التي لا تستثني أحداً من الرقابة والمساءلة، أي ممارسة الرقابة الحقّة.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *