قرأت البارحةَ خبراً طريفاً أوردته صحيفة «Insider» في عددها الأخير. والخبر باختصار أنّ الشّرطة في المكسيك قد تلقّت بلاغاً عن اختفاء (أربع بقرات إفريقيّة، وأربع معزات، وغزال نادر، وحمار وحشيّ، وأربعة حيوانات أخرى) من حديقة حيوان «Zoochilpan»!
فتحت الشّرطة تحقيقاً على جناح السّرعة لتكتشف أن مدير الحديقة هو الذي أخذ هذه الحيوانات، وذبحها في بيته، وأقام عليها مآدب لأقاربه وأصدقائه في مناسبات مختلفة!
كلما سمعت اسم المكسيك خطر على بالي قول الرئيس المكسيكيّ الأسبق بورفيريو دياز: مسكينة هي المكسيك لبعدها عن الله وقربها من الولايات المتحدة الأميركية!
توفي دياز عام 1915 قبل أن يشهد أن أميركا تخطّت عقبة الجغرافيا وصارت قريبة من كل دول العالم وتعبث فيها!
على أنه عندهم كما عندنا تماما ليست كل المشكلات من أميركا! البعض أعداءٌ لأوطانهم أكثر من أعداء أوطانهم أنفسهم!
لا علاقة لأميركا بمدير حديقة حيوان وظيفته أن يطعم الحيوانات فقرر أن يأكلها! القلاع الحصينة لا تسقط إلا من الداخل، والأعداء الخارجيّون لا يستطيعون أن يؤذوا وطنا بقدر ما يمكن لأبنائه أن يفعلوه!
الوزير الذي لا يعتمد الكفاءة في طاقمه، والإدارات التي توظّف على أساس المحسوبيات، والبلدية التي لا تقوم بواجبها، والأمّ المهملة، والأب المستهتر، والحرفيّ الغشاش، والميكانيكيّ الكذّاب، والطبيب الجشع، والداعية الذي يباع ويشترى، كل هؤلاء أعداءٌ لأوطانهم وإن لم يطلقوا النّار عليه!
الوطنيّة ليست خطابات بليغة، ولا كلمات منمّقة، بقدر ما هي سلوك يبدأ بأصغر الأشياء حتى أكبرها، من عدم رمي النفايات في الشوارع، إلى الالتزام بوقت الدوام، واحترام إشارات السّير!
القضية باختصار: لا تحدّثني عن وطنيّتك، دعني أراها!