15 Feb
15Feb

في‭ ‬جميع‭ ‬المجتمعات،‭ ‬ومنها‭ ‬وعلى‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬الإسلامية،‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬موضوعات‭ ‬الأدب‭ ‬أو‭ ‬الفن‭ ‬مما‭ ‬تثير‭ ‬المشاكل‭ ‬في‭ ‬طرحها‭ ‬المباشر‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬المباشر‭ ‬حتى‭ ‬عندما‭ ‬تكون‭ ‬بصورة‭ ‬ايحاءات‭ ‬وباسلوب‭ ‬الرمزية‭. ‬كما‭ ‬أنها‭ ‬تتحاشى،‭ ‬في‭ ‬الغالب،‭ ‬تحديد‭ ‬موقف‭ ‬محدد‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬المشكلات‭ ‬ومعالجاتها‭ ‬لتجنب‭ “‬وجع‭ ‬الرأس‭”!‬
وفي‭ ‬هذا‭ ‬الإطار‭ ‬تلعب‭ ‬الأفلام‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالقضايا‭ ‬الدينية‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬منها‭ ‬بقيم‭ ‬الشرف،‭ ‬وأريد‭ ‬بها‭ ‬تلك‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بالحياة‭ ‬الجنسية‭ ‬والمواقف‭ ‬مما‭ ‬هو‭ ‬شائع‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام،‭ ‬وردود‭ ‬الفعل‭ ‬المتمردة‭ ‬على‭ ‬العادات‭ ‬والتقاليد،‭ ‬وكذلك‭ ‬القضايا‭ ‬السياسية‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة‭ ‬بأمن‭ ‬الأنظمة‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬الخصوص‭.‬
وبهذا‭ ‬الشأن‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬كذلك‭ ‬الى‭ ‬تعمد‭ ‬صناع‭ ‬الأدب‭ ‬والسينما‭ ‬إلى‭ ‬تناول‭ ‬تلك‭ ‬الموضوعات‭ ‬لدوافع‭ ‬متعددة،‭ ‬منها‭ ‬الرغبة‭ ‬الصادقة‭ ‬في‭ ‬تسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يقبع‭ ‬في‭ ‬الظل‭ ‬أو‭ ‬الظلام‭ ‬من‭ ‬أحلام‭ ‬وآلام‭ ‬الإنسان،‭ ‬ما‭ ‬ظهر‭ ‬منها‭ ‬وما‭ ‬بطن‭!‬،‭ ‬ومنها‭ ‬سعياً‭ ‬الى‭ ‬التميز‭ ‬والشهرة‭ ‬لدى‭ ‬البعض‭ ‬خصوصاً‭ ‬الشباب‭ ‬منهم،‭ ‬وربما‭ ‬الدعم‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الجهة‭ ‬أو‭ ‬تلك،‭ ‬لا‭ ‬سيما‭ ‬الأجنبية‭ ‬منها‭.‬
وقبل‭ ‬الخوض‭ ‬تحديداً‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الاشكالية‭ ‬أشير‭ ‬كذلك،‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أفلام‭ “‬المشاكسة‭” ‬ليست‭ ‬خاصة‭ ‬بمهرجان‭ ‬دون‭ ‬سواه‭. ‬فجميع‭ ‬المهرجانات‭ ‬تضم‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأفلام‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يكسبها‭ ‬اثارة‭ ‬مضافة‭.‬
أعود‭ ‬إلى‭ ‬أصل‭ ‬الحكاية‭ ‬حكاية‭ ‬المشاكسة‭ ‬بين‭ ‬التنوير‭ ‬والتهييج،‭ ‬ممهداً‭ ‬لذلك‭ ‬ببعض‭ ‬الملاحظات‭ ‬السريعة‭:‬
‭-‬الابداع‭ ‬الأدبي‭ ‬أو‭ ‬الفني،‭ ‬ومنهما‭ ‬السينمائي،‭ ‬لا‭ ‬يقوم‭ ‬إلا‭ ‬على‭ ‬تمرد‭ ‬على‭ ‬المألوف‭ ‬أو‭ ‬المتداول‭ ‬من‭ ‬قضايا‭ ‬تخص‭ ‬حياة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬حلمه‭ ‬وألمه‭.‬
‭-‬تتداخل‭ ‬الأجيال‭ ‬البشرية‭ ‬ليست‭ ‬عمرياً‭ ‬فقط‭ ‬وإنما‭ ‬فكرياً‭ ‬ومزاجياً‭!‬
‭-‬لكل‭ ‬مجتمع‭ ‬إداراته‭ ‬ومؤسساته‭ ‬السياسية‭ ‬وًالثقافية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬المتفاعلة‭ ‬مع‭ ‬بعضها‭ ‬في‭ ‬اتجاهات‭ ‬تسعى‭ ‬الى‭ ‬احتواء‭ ‬الأعمال‭ ‬الادبية‭ ‬والفنية‭ ‬والسيطرة‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬توجيهها‭ ‬وفق‭ ‬سياسة‭ ‬المد‭ ‬والجزر‭.‬
‭- ‬لقد‭ ‬قاد‭ ‬تطور‭ ‬تقنيات‭ ‬الاتصال‭ ‬والتواصل‭ ‬الى‭ ‬كسر‭ ‬الأسوار‭ ‬وعدم‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬السيطرة‭ ‬التقليدية‭ ‬على‭ ‬عقول‭ ‬وعواطف‭ ‬وأذواق‭ ‬الناس‭.‬
‭-‬كما‭ ‬ان‭ ‬تطور‭ ‬قنوات‭ ‬ومنصات‭ ‬التواصل‭ ‬والتفاعل‭ ‬في‭ ‬ما‭ ‬يخص‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحرياته‭ ‬واحتياجاته‭ ‬ورغباته‭ ‬قد‭ ‬قاد‭ ‬الى‭ ‬انتاج‭ ‬عولمة‭ ‬ثقافية‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬الثقافات‭ ‬المحلية‭ ‬تجاهلها‭ ‬أو‭ ‬الوقوف‭ ‬في‭ ‬وجهها‭.‬
‭-‬ان‭ ‬هجرة‭ ‬أو‭ ‬تهجير‭ ‬ابناء‭ ‬وطن‭ ‬ما،‭ ‬بصورة‭ ‬مباشرة‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬مباشرة،‭ ‬هو‭ ‬سبيل‭ ‬لا‭ ‬يصح‭ ‬تعميمه‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬اختناقات‭ ‬تضارب‭ ‬الثقافات‭.‬
لنمتلك‭ ‬من‭ ‬الوعي‭ ‬والجرأة،‭ ‬حين‭ ‬نتحدث‭ ‬عن‭ ‬الفيلم‭ ‬الأردني‭: ‬إن‭ ‬شاء‭ ‬الله‭ ‬ولد،‭ ‬فنقول‭: ‬إن‭ ‬الفيلم‭ ‬يتحدث‭ ‬عن‭ ‬اشكاليات‭ ‬اجتماعية‭ ‬وحياتية‭ ‬تتعلق‭ ‬بضوابط‭ ‬دينية‭ ‬واجتماعية‭ ‬طبعت‭ ‬مجتمعاتنا‭ ‬الشرقية‭ ‬المسلمة،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قوانين‭ ‬الارث‭ ‬والضمان‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وقيم‭ ‬الذكورية‭ ‬المجتمعية‭ ‬وظروف‭ ‬الكبت‭ ‬والحرمان‭ ‬في‭ ‬اشباع‭ ‬حاجات‭ ‬أساسية،‭ ‬وتحديداً‭ ‬الجنسية‭ ‬فيها‭.‬
يصعب‭ ‬علينا‭ ‬امتلاك‭ ‬الشجاعة‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬انفصامات‭ ‬في‭ ‬مجتمعاتنا،‭ ‬بين‭ ‬دساتيرنا‭ ‬ومعتقداتنا‭ ‬الروحية‭ ‬والتزاماتنا‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وبين‭ ‬امكاناتنا‭ ‬في‭ ‬خلق‭ ‬ظروف‭ ‬حياة‭ ‬لا‭ ‬تتقاطع‭ ‬مع‭ ‬متطلبات‭ ‬تلك‭ ‬التشريعات‭ ‬والأعراف‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى‭.‬
إن‭ ‬الأفلام‭ ‬التي‭ ‬أسميتها‭ ‬بأفلام‭ ‬المشاكسة،‭ ‬تدعونا‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬جادين‭ ‬صادقين‭ ‬واعين‭ ‬شجعان‭ ‬لمناقشة‭ ‬ما‭ ‬يصح‭ ‬في‭ ‬طرحه‭. ‬إن‭ ‬موقفنا‭ ‬السلبي‭ ‬سوف‭ ‬لن‭ ‬يزيد‭ ‬فينا‭ ‬غير‭ ‬الازدواجية‭ ‬والنفاقية‭! ‬
وفي‭ ‬النهاية‭: ‬سنقرر‭ ‬نحن‭ ‬المحكمين‭ ‬أو‭ ‬الناقدين‭ ‬السينمائيين‭ ‬أو‭ ‬المشاهدين‭ ‬اذا‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬أفلام‭ ‬المشاكسة‭ ‬هي‭ ‬أعمال‭ ‬تقود‭ ‬الى‭ ‬تنوير‭ ‬أو‭ ‬تهييج‭!!‬


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة