أعلن اخطر تنظيم ارهابي، سيطرته على مدينة الموصل مركز محافظة نينوى، لتبقى هذا المدينة تحت حكم المتطرفين الاسلاميين، لثلاث سنين عجاف، ذاقت فيها صنوف القتل والتنكيل والتهجير.
بيوض الظلام
إن أول ظهور لحركة ارهابية، تعتنق ايديولوجية سلفية جهادية في العراق، كان داخل اقليم كردستان في العام 2001، عندما بايع نفر من المقاتلين العرب والاكراد، الملا كريكار على قيادتهم، لقتال قوات البشمركة الكردية واستهداف البعض من قوافل القوات العراقية، تحت مسمى حركة انصار الاسلام، لتكون بذلك اول جماعة اسلامية تقاتل تحت قيادة معلنة، واغلبهم من المقاتلين الاكراد العائدين من الحرب الافغانية السوفيتية.
بذرة الرعاع
في العام 2004، شُكل ما يعرف بكتائب التوحيد والجهاد، من بعض المقاتلين الذين انشقوا عن جماعة الانصار، لتكون هذه الجماعة احد اذرع تنظيم قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، وتحصل على تمويل لبداية مشوارها، من قبل بعض الميسورين ماديا داخل الموصل، بحجة مقارعة قوات الاحتلال، اما بالتهديد او برضى النفس، ناهيك عن الدعم الذي كان يصل اليها، من بعض دول الخليج بعد نهاية كل موسم حج او عمرة، كما انها كانت مسؤولة عن ارسال بعض المقاتلين من المدينة، للمشاركة بمعارك الفلوجة.
مجلس شورى المجاهدين
في مطلع العام 2006، شُكل ما يعرف بمجلس شورى المجاهدين في العراق، على يد الارهابي الاردني ابو مصعب الزرقاوي، ليكون النواة الاولى التي عملت، على لم شمل الجماعات الاسلامية الاصولية المتطرفة تحت لواء واحد، والغاية من ذلك، هو تشكيل ما يعرف بدولة العراق الاسلامية في العام ذاته، تحت قيادة الارهابي حامد محمود، المعروف بأسم ابو عمر البغدادي، والذي قتل فيما بعد مع وزير حربه عام 2010 في العراق، ليتسلم قيادة التنظيم المدعو ابراهيم عواد السامرائي المكنى بابو بكر البغدادي
منذ اللحظات الاولى لتشكيل اول مجموعة ارهابية داخل الموصل، كانت تتمتع هذه المجاميع والعصابات، بنفوذ سلطوي داخل المدينة، ووصل بها الحال، الى انشائها ما يسمى بالمحاكم الشرعية، في بعض مناطق الموصل وبقية الاقضية والنواحي، وتنفيذ عمليات ارهابية شبه منظمة، لاستهداف القوات الامنية والمواطنين المدنيين داخل نينوى، لاستنزاف قوتها تارة واستحصال اكبر قدر من التمويل تارة اخرى.
شوكة التنظيم
مع اتساع رقعة التظاهرات والاشتباكات في سوريا، بين المعارضين ونظام بشار الاسد عام 2013، برز مايعرف بجبهة النصرة، وهي جماعة اسلامية اصولية متطرفة، تعتنق ايدلوجية السلفية الجهادية، ومصنفة على قوائم الارهاب العالمي، وبما انها قريبة من منهج تنظيم القاعدة اولاً وتنظيم الدولة الاسلامية في العراق ثانيا، لهذا حظيت هذه الجماعة، بتأييد ودعم قوي من قبل تنظيم الدولة في العرق على الصعيدين المالي والعسكري، ليعلن بعد ذلك البغدادي، في شهر نيسان من السنة ذاتها ضم جبهة النصرة لدولة العراق الاسلامية، وتشكيل ما يعرف بداعش او الدولة الاسلامية في العراق والشام، ولكن الجولاني رفض الدمج حتى بعد انضمام معظم مقاتليه للتنظيم، ليتطور الموقف بعد ذلك الى اشتباكات بين الطرفين، بسبب الاختلاف على تقاسم بعض الابار النفطية، والمعابر الحدودية ضمن مناطق سيطرتهم.
ابتلاع الأنبار
مطلع عام 2014 وبعد اضطراب الاوضاع الامنية في محافظة الانبار غربي العراق، واتساع رقعة ما يعرف بخيم الاعتصام، اعلن تنظيم الدولة الارهابي سيطرته على مدن رئيسية في الانبار، ومنها الفلوجة واجزاء من الرمادي، في حين كانت الموصل، تعيش إضرابات مجتمعية وامنية، بالاضافة الى ما يسمى بخيم وساحات الاعتصام، التي كانت منطلقاً وبادرة لسقوط المدينة، بالاضافة الى عوامل اخرى منها الامنية والاجتماعية والايديولوجية.
عام الحزن
بدأ تنظيم داعش الارهابي تحضيراته لاجتياح البعض من احياء الجانب الايمن من الموصل، منذ الاول من شهر حزيران عام 2014، عن طريق جمع اكبر عدد من مقاتليه، داخل مايعرف بمعسكر الشيخين، القريب من الحدود العراقية السورية، لتباشر هذه القوات اجتياحها بعض احياء الجانب الايمن للمدينة، في الخامس من حزيران مدعومة ببعض الفصائل، التي كانت تعمل داخل الموصل، ليستمر القتال لغاية ساعات متأخرة، من يوم الاحد التاسع من حزيران، ليعلن التنظيم الارهابي في اليوم التالي، سيطرته بالكامل على الموصل، وسط ذهول جزء كبير من الاهالي لما الت اليه الامور، وتأييد الجزء الاخر لما حصل، وهذه حقيقة دامغة شهدها الناس، ليكون ذلك اليوم الاسود، مدخلاً لتقويم تأريخي دموي، عاشته الموصل لثلاث سنين عجاف تحت حكم المتطرفين.
لولا العملية القيصرية التي خضعت لها المدينة لما تخلصنا من سيطرة هذا التنظيم الذي حكم المدينة لأكثر من 14 عام سرياً وعلنياً.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *