04 Mar
04Mar

فرحة التخرج لا تدانيها فرحة فهي تاتي بعد سنوات طويلة من الجهد والعناء والمشقة في استحصال العلم وبعد تضحيات وامال بحياة جديدة بعد التخرج .ولكن للفرح اصوله وقواعده التي تنبع من بيئة المجتمع وحضارته وهي تعكس في احيان كثيرة ثقافة ذلك المجتمع وللاسف ظهرت في الفترة الاخيرة ثقافات دخيلة على مجتمعنا بعيدة عن المألوف وعن تقاليد واعراف المجتمع لدرجة اصبحت بعض حفلات التخرج تثير الجدل والاشمئزاز لمحتواها البعيد عن الهدف الاساسي من اقامتها
ولكي نضع النقاط على الحروف نقف قليلا لنحلل ثقافة الجيل الحالي الذي استمد ثقافته ومعرفته من مواقع التواصل ومن مئات الرسائل السلبية المحتوى التي تبث له يوميا بهدف تغيير افكاره فتنعكس على ذوقه و سلوكه اليومي وعلى شخصيته ولا عجب ان تكون حفلات التخرج هي نتاج لتلك الافكار والسلوكيات
وبهدف احداث تغيير في ذوق وثقافة طلبة الكليات الذين نأمل ان يكونو قادة في المستقبل و امهات تربي اجيال من العلماء ووقادة الفكر نقترح على القائمين على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي ادخال بعض الدروس التطويرية وخصوصا في دروس الساعة الحرة ينظمها اساتذة من كليات متعددة من الجامعات العراقية مثل دروس التعريف بالمدارس الفنية العالمية واخرى للتعريف بالمقامات العراقية الاصيلة وتنظيم مسابقات علمية تشجيعية فضلا عن النشاطات الرياضية والفنية الموجودة في الجامعات
وهنا احب ان انقل رواية للشاعر المعروف علي بن الجهم الذي عاش في البادية واستلهم معانيه وثقافته منها عندما دخل على الخليفة المتوكل يريد مدحه ، فقال
انـت كـالـكــلـب فــي حـفـاظـك لـلـودَ
وكـالـتـيـــس فــي قـــراع الـخــطــوب
انــت كــالـدلـــو لا عــدمــنــاك دلــــوا
مــن كـبـــار الــدٍلا كـثــيـــر الــذنــوب
فغضب الحاضرون بمجلس الخليفة من سماعهم وصف الخليفة كالكلب في وفائه والتيس في صيده ولكن الخليفة لم يغضب، ولم يندهش، وأدرك بلاغة الشاعر، ونبل مقصده وخشونة لفظه وتعبيره وقال لهم خذوه الى حديقة الجسر .. حيث الانهار والجنائن و الغزلان والبلابل
وبعد انقضاء فترة من الزمن بعث المتوكل في طلبه . فلما دخل عليه ، قال : انشدني شعرا ، فقال :
عـيـــون الـمــــهـا بيــن الـرصــافـة و الجـسر
جـلـبـن الـهــوى مـن حـيــث أدري ولا أدري
اعــدن لـي الشـــوق الـقــديـــــم ولـم اكـــــــن
سـلــوت ولـكــن زدن جـــمـــرا عـلـى جـــمـــر
فأعجب المتوكل من شعره . وقال للحاضرين : لا تعجبوا من حاله بالامس واليوم ، فالشاعر يستقي خياله من البيئة التي يعيش فيها وقال  «انظروا كيف تغيرت به الحال، والله خشيت عليه أن يذوب رقة ولطافة».


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة