على شاشات التلفزة نشاهد يومياً عشرات ما يسمون بالمحللين السياسيين الذين يساهمون الى درجة كبيرة بتشكيل الوعي والرأي العام حول ما يجري من أحداث سياسية، وفي ذات الوقت بتلميع صورة هذا السياسي أو تشويه صورة ذاك.
والمحللون السياسيون هم بشر، لهم حاجاتهم وقدراتهم وميولهم ومصالحهم وظروفهم التي تتشارك في صياغة ما يذهبون اليه من تحليلات وما يهدفون اليه من نتائج. كما أنهم قد يكونون يعملون لحساباتهم الخاصة أو هم موظفون لدى جهات حكومية أو مؤسسات إعلامية أو سياسية أو أمنية، والتي تعمل جميعها وفق أجنداتها الخاصة وحسب ظروفها ومصالحها، وما تتميز به بعضها، أحياناً، من مواقف خاصة مبدئية.
ويساعد التحليل السياسي، بصورة عامة، على فهم ما يجري في خلفياته وتعاشقاته التي يصعب على الكثيرين وغير المختصين وللوهلة الأولى الوصول الى ذلك. بيد أنه قد يكون أداة خادعة ومضللة في فهم حقيقة ما يجري.
من جانب آخر فإن حرفة التحليل السياسي الجيد تحتاج الى اشتراطات موضوعية وشخصية وبنى تحتية إن صح التعبير. اشتراطات موضوعية في مؤهلات المحلل السياسي بما يمتلكه من معارف وما يقدر عليه في تشبيكها والخروج باستنتاجات منطقية تفسر ما يجري وما يمكن أن تؤول اليه الأمور، وشخصية في تأثيرات شخص المحلل وسمعته وبراعة أسلوبه وقدرته على كسب الثقة به وإقناع الآخرين.
كما تتمثل البنى التحتية بقدرة وسمعة المؤسسة الإعلامية التي تظهر ذلك المحلل السياسي وتوصل تحليله ورأيه تجاه حدث أو موقف أو شخصية ما.
واقع حال عمل المحللين السياسيين:
ان واقع حال النسبة الكبيرة من المحللين السياسيين تذهب باتجاه أنهم كسبة عيش أو ممثلين لتيار سياسي معين أو أنهم موظفين يبرعون في تلميع صور ساسة أو سياسيين، أو أنهم فنانون في تنويم متابعيهم من خلال تقارير تحليلاتهم السياسية التي تطويها تسارع وتجدد الأحداث.
كما أنهم، ومن أجل بقائهم واستمرار تطورهم، عليهم أن يكونون حاذقين في اختيار موضوعاتهم وعرضها بأساليب ترضى عنها مؤسسات تمويلهم وتجذب اليها نفر من المستمعين والمتقبلين.
ورغم كل ما أوردنا يبقى للتحليل السياسي دوراً مهماً لا غنى عنه في المساعدة على فهم ما يجري، وما يمكن أن يكشف من اتجاهات في تطورات الأمور. كما أن القدرة والكفاءة والصدق والأمانة في التحليلات السياسية ستبقى مكان احترام واهتمام كبيرين.