اقصد الإعلام، وارى انه بمجرد ضخ فكرة لجمهور، ايا كان الجمهور عددا و تقارب فكر، و ايا كان من يعرض فكرته تقليدا ام اصالة، فهو يعلن انتماءه لحالة فكرية، حالة مغذية للجمهور او صادمة له. لا يؤخذ من كلامي انني اعني الصورة النمطية عن المتعارف عليه من اعلام ووسائل بث و نشر، بل المعني عندي هي كل الوسائل التي توصل فكرة ما وبخاصة وان اتساع و سهولة الافصاح و ايصال المراد ايصاله من صورة او صوت او كتابة صارت متاحة حتى و ان لم تحض الفكرة المرسلة بأهتمام جمهور واسع او انها لم تحقق تأثيرا لا بوصولها بأعتبار الكم الهائل من البث لا يكفي للاطلاع عليه بالكامل و كذلك لتفاوت الاهتمام. ابتدأت بعنوان يقول: جزء من المنظومة السياسية، و هنا لابد ان تُزال من مسلماتنا ان السياسة هي فقط الامثلة التي امامنا داخليا و دوليا من انظمة حكم و احزاب، نعم هي حالات متشكلة ضمن اجسام قوى تنمو او تنشطر او تضعف وقد تذوي او يقام على اساسها جسم سياسي جديد، واذا ضغطنا عنصر الزمن لمراجعة القوى السياسية التي تحكمت منفردة او متهادنة او متحالفة او مؤتلفة او متصارعة مع غيرها، فسنجد عشرات الامثلة على هذا القسم من المنظومة السياسية، واذا تتبعنا نزولا خط نشوء حركات صارت مؤثرة او واضحة الحضور في الصراع السياسي، فسنجد ان ان لها مقدمات لم تحض بالاهتمام، و سنجد ان لها خطابا و اعلانا اعلاميا مبكرا لربما لم يكن ليثير كثيرا من اهتمام المشتغلين في السياسة الكبرى و ربما حتى لم تنل اهتمام كثير من الجمهور. حسابات نفعية في الحسابات النفعية الضيقة او تلك الطموحة المتعطشة للسلطة يتضخم الجزء ليكون هو الاكبر بشكل ان لم نرد تسميته انه جسم مشوه، فأنه يصبح متبوعا من سياسته هو لا العكس او ليس بتكاملية اداء، وهذه الظاهرة حاضرة بأسراف الان وهي تعتمد تكنولوجيا التواصل عبر برامج متاحة على الاجهزة اللوحية الذكية، و لا ينكر ان قسما منها راصد ذكي لممارسات تخرق قواعد النظام الاجتماعي و القانوني، لكنها من جانب اخر و زاوية مصلحة اخرى لا تقوم بنفس العمل اذا كان الفاعل قريب فكر منها. نحن امام معادلة معقدة قائمة لكنها ليست عسيرة على الفهم لمن يريد ان يفهم و ان يعمل وفق الفهم المتحرر من قيود ادلجة مستمرة للفكر الشمولي الحزبي و السياسي الناقع في اعماق المجتمع، و المعادلة هذه لها من العناصر: الانسان مؤثرا مرسلا و متأثرا مستقبِلا، المصلحة، الدافع، الوسيلة، الفكرة موجودة او مصطنعة، و التسويق. في اعلامنا ايام الثورة مثلنا مثل غيرنا من الثوار، لم تكن الفكرة مصطنعة، و لم نكن نسوقها بما هو مخالف للواقع، ولم يتشوه حجم اعلامنا كبرا ليكون الجهاز السياسي تابعا له، ودافعنا كان حماية شعبنا من بقاء و استمرار سياسة التفرد بالقرار، ومصلحتنا هي ايجاد بديل لاعادة الامور الى سياقها الصحيح. نفس عناصر المعادلة توفرت بعد سنة 1991، و 2003. نتفق او نختلف على عناصر المعادلة امر ممكن، لكننا نعتقد بيقين و بعيدا عن طموحات الكسب السريع، ان اي تدليس في عناصر المعادلة سيجلب خسارة صعبة التعويض، ولذا فتعاملنا معروف بعلميته و حِرفيته في هذا المجال، ولسنا نبالي كثيرا بمصطنعي الضخ الاعلامي لغايات مكشوفة لنا مهما جرت محاولة حشوها و تغطيتها بمواد و لغة تسطيح العقول، ذلك اننا نكيف و نفسر كل رسائل السياسة وفق عين العناصر في معادلة التداخل و التكامل بين السياسة و الاعلام. بقي من القول ان السياسة امر حيوي مذ عرف الانسان التملك، ومنذ ذلك الحين طور الانسان وسيلته للوصول للهدف او الحفاظ عليه او تعليل تركه للشيء. وفي الجملة السابقة تفصيل له مجال كتابة مستقبلا.
*مسؤول الهيئة العاملة للمكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"