كثرت في الآونة الاخيرة كتابات ،وقرارات ،وتخرصات وتلويح ،بعودة حزب البعث ،لممارسة دوره السياسي من جديد ، وليس لحزب البعث قيادة رسمية تنطق بأسمه وانما تصريحات بدأت على لسان الأرملة رغد وتلاها تهريج على صفحات التواصل الاجتماعي، واخرها، ترخيص الحكومة الاردنية لبعث عربي اشتراكي بنكهه اردنيه !تخللها هتافات من عناصر تتغنى بأسم صدام الذي تم الحكم عليه بالاعدام من محكمة عراقية، قبل سنوات بتهم متنوعة ، كانت مخرجاتها ان يعدم لعدة مرات ، والتلويح بعودة البعث ليس هو الهدف من مقالي ،بل وددت تسليط الضوء على النسخة الافتراضية للبعث الذي يروج لها حاليا ولأسباب متنوعة منها ابتزاز العراق واخرى لتهديد دول الجوار وخصوصا الكويت البلد الاضعف في المنطقة، او اشاعة حالة الهلع في النفوس التي ترى بعودة البعث تحديا لوجودها ، او استثارة وتحفيز ردود الفعل لعوائل الضحايا في عهد البعث لثلاث عقود ونيف في السلطة ،وربما هي عملية اثارة فتنة لخلق حالات انتقام اجتماعي اشبه بالهروب الى الامام من المتضررين من حكم البعث سابقا واحتمال عودته لاحقا ، كل هذه المقاربات تتطلب منا ان نسلط الضوء على البعث وفكره، قبل ان نحكم او نرحب بعودته او ننتقدها ونرفضها لأسباب موضوعية منصرمة، ان النظام الداخلي والسلوك السياسي للبعث لايؤمن بالديمقراطية التي تسمح بتداول سلمي للسلطة او القبول بنتائج انتخابات ،فالبعث ومن خلال حكمه العراق لعقود تمسك بقائد اوحد ويحسبه الحزب قائد ضرورة بمعنى لايمكن ان لايكون ، ولذلك كانت انتخابات اختيار الرئيس في العراق هي قائمة فيها شخص مرشح بصفتين وهي هل تنتخب الرفيق صدام حسين ام المهيب الركن صدام حسين ! وديمقراطية البعث لاتؤهله ان يتعايش مع حياة حرة وشعب يمارس حقه في تقرير مصيره في المشاركة بالانتخابات او توجيه النقد للقيادات كما يحصل حاليا حيث نرى ونقرأ ونسمع انتقادات واعتراضات وتظاهرات وممارسات تصل لحد السباب الذي كان البعثيون يقطعون اللسان عند سب الرئيس !رغم اعتقادي بصواب بعض الاجراءات التي اتخذتها الحكومة انذاك لضبط ايقاع بعض حالات الانفلات !اذن تركيبة حزب البعث تتماشى او تنسجم مع الحكم المركزي وسياسة الحزب الواحد وهذه هي المنهجية التي سار عليها البعث لعقود ، وافتراض مشاركة البعث بنفس الاسم او بقيادات شاركت في ظلم العراقيين مجازفة امنية قد تتسبب بكوارث تطيح بالسلم الاهلي وتنقل المعركة للبيت الواحد في كل العراق وهذا ما لايقدم عليه عاقل او مفكر سياسي ، واذا افترضنا ان القيادة الامريكية ترغب في مثل هكذا مشاركة فأستبعد ان يخطو قادة البيت الابيض هكذا خطوة لانها تصطدم برغبة الامريكان في ان تعيش المنطقة العربية وتحديدا دول الخليج وجواره الاقليمي الامن والهدوء الذي يحتم على الامريكان ان يسعوا اليه لكي يتفرغوا لقضية الحرب الروسية الاوكرانية وتأثيراتها المقلقة لامريكا واوربا ، ونشوء اقطاب متعددة بزعامة روسيا والصين وايران ودول اخرى ، لذلك مسألة عودة البعث لاتعدو سوى فزاعة جديدة يراد منها ابتزاز الداخل العراقي والمنطقة جميعا لما يتضمنه فكر البعث من نهج دموي في التعامل مع الاخرين في الداخل وفي الاقليم ، ان وجود نسخة معدلة مفترضة لأفكار البعث القومية لاتحظى بالقبول الاقليمي والدولي ، وليس تهريج البعض بالترحاب بعودة البعث موضوعة محكمة يبني عليها المتابع قناعات صحيحة لأنها تصدر عن افراد او ردود افعال لتردي الخدمات او فشل الحكومات المتعاقبة لتجاوز الخلل لأسباب متنوعة لست بصدد سردها الان ، فورقة عودة البعث لاتحظى بالنضج ولا يمكن ان نقرأ ترخيص الاردن لحزب البعث الاردني تحديا للوضع العراقي الذي تجاوز بثبات مرحلة القضاء على الارهاب بالرغم من كونه التحدي الاخطر في تاريخ العراق !ان اثارة مخاوف عودة حزب سياسي وكأنه بعبع او غول فيه من المبالغة الشيء الكثير ، والعراقيون في حالة حدوث تحدي لأمنهم سيكونوا الصخرة التي تتحطم على صفحتها الصلدة كل الافتراضات المثارة.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *