21 Mar
21Mar

إنه‭ ‬دون‭ ‬شك‭ ‬عنوان‭ ‬طريف‭. ‬كيف‭ ‬يقع‭ ‬حب‭ ‬بين‭ ‬فيل‭ ‬ونملة‭! ‬هل‭ ‬يعني‭ ‬ذلك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خيال‭ ‬وصعلكة‭ ‬أدب؟‭ ‬أقول‭: ‬ربما‭!‬
فالفيل‭ ‬بحجمه‭ ‬الكبير‭ ‬والكبير‭ ‬جداً‭ ‬جداً‭ ‬بالنسبة‭ ‬لجسم‭ ‬النملة‭ ‬الصغير،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬حتى‭ ‬تخيل‭ ‬وقوعه‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬نملة‭. ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬يجمعهما،‭ ‬ومالذي‭ ‬يربطهما،‭ ‬وبأي‭ ‬لغة‭ ‬يتناجيا،‭ ‬وكيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تحصل‭ ‬أية‭ ‬علاقة‭ ‬بينهما؟‭ ‬انهما‭ ‬لا‭ ‬يستطيعان‭ ‬حتى‭ ‬النظر‭ ‬بعيون‭ ‬بعضهما‭. ‬عليه‭ ‬فإن‭ ‬حكاية‭ ‬حب‭ ‬الفيل‭ ‬لنملة‭ ‬ليس‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬فانتازيا‭ ‬تطلق‭ ‬للإنسان‭ ‬الخيال‭ ‬في‭ ‬أشباح‭ ‬تمثل‭ ‬ما‭ ‬يشتهي‭!‬
أذكر‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬نتداول‭ ‬مزحة‭ ‬بيننا‭ ‬نحن‭ ‬اصدقاء‭ ‬في‭ ‬عمر‭ ‬الطفولة،‭ ‬فنقول‭: ‬نملة‭ ‬نسيت‭ ‬“مايوه”‭ ‬سباحتها،‭ ‬فقامت‭ ‬باستعارة‭ ‬“مايوه”‭ ‬سباحة‭ ‬من‭ ‬فيل‭!! ‬بالطبع،‭ ‬فإن‭ ‬حكاية‭ ‬الحب‭ ‬بين‭ ‬الفيل‭ ‬والنملة‭ ‬هي‭ ‬حكاية‭ ‬رمزية‭ ‬للعلاقات‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭ ‬بين‭ ‬البشر،‭ ‬في‭ ‬أسبابها‭ ‬وأشكالها‭ ‬العديدة‭ ‬وتداعياتها‭. ‬فالبشر‭ ‬يتوزعون‭ ‬بين‭ ‬قصير‭ ‬وطويل،‭ ‬قوي‭ ‬وضعيف،‭ ‬أبيض‭ ‬وأسمر،‭ ‬غني‭ ‬وفقير،‭ ‬حاكم‭ ‬ومحكوم،‭ ‬ظالم‭ ‬وعادل،‭ ‬جميل‭ ‬وقبيح‭.‬
ورغم‭ ‬هذه‭ ‬الاختلافات‭ ‬والتباينات‭ ‬تقع‭ ‬علاقات‭ ‬حب‭ ‬بين‭ ‬هذه‭ ‬المتضادات،‭ ‬وفي‭ ‬تداعياتها‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التساؤلات‭ ‬والتأملات‭.‬
بيد‭ ‬أنه‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العلاقات‭ ‬لا‭ ‬تمثل‭ ‬الا‭ ‬مظاهر‭ ‬ظلم‭ ‬واستغلال‭ ‬وتبعية‭ ‬لا‭ ‬حول‭ ‬للضعيف‭ ‬فيها‭ ‬ولا‭ ‬قوة،‭ ‬وبالتالي‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬الا‭ ‬علاقات‭ ‬“حب”‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬خاص‭ ‬فرضه‭ ‬واقع‭ ‬الاختلاف‭ ‬والتباين‭ ‬بين‭ ‬طرفيه‭. ‬هذا‭ ‬الحب‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬تعرف‭ ‬لحظة‭ ‬انفجاره،‭ ‬ولا‭ ‬تقدر‭ ‬تداعياته‭ ‬حتى‭ ‬الدموية‭ ‬أحياناً‭!‬
لقد‭ ‬كانت‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الافكار‭ ‬والدعوات‭ ‬الاصلاحية‭ ‬قد‭ ‬قادت‭ ‬كذلك‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬تدفع‭ ‬أطراف‭ ‬ثمن‭ ‬علاقاتها‭ ‬غير‭ ‬المتكافئة‭.‬
ومن‭ ‬أجل‭ ‬تجنب‭ ‬وتفادي‭ ‬ذلك‭ ‬تسعى‭ ‬الأطراف‭ ‬“العليا”‭ ‬إلى‭ ‬التخفيف‭ ‬من‭ ‬تداعياتها‭ ‬المحتملة‭ ‬في‭ ‬أيام‭ ‬الأزمات‭ ‬فتروح‭ ‬تشتري‭ ‬للأطراف‭ ‬“‭ ‬الدنيا”‭ ‬باقات‭ ‬ورد‭ ‬أيام‭ ‬أعياد‭ ‬ميلادها،‭ ‬أو‭ ‬أثناء‭ ‬زيارتها‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬المشافي،‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬وضعها‭ ‬على‭ ‬قبور‭ ‬ذويها‭!!‬


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة