لم تنفك الحكومة العراقية الجديدة عن إرسال جملة رسائل اطمئنان لمحيطنا الخارجي (إقليميا - دوليا) استهلت بها باكورة انطلاقتها لكن ما وراء الحدود.
الملموس من هذه الانطلاقة يبرهن على محاولات لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، منذ تولى مهامه إتباع سياسات خارجية من شأنها إعادة العراق إلى نقطة توازن في إدارة علاقاته الخارجية، سواء مع عمقه الجيو - ستراتيجي العربي من ناحية أو مع جواره الإقليمي بما يشمل العلاقات مع إيران وتركيا من ناحية ثانية، أو في علاقاته بالقوى الدولية من ناحية ثالثة. من هذا المنطلق وبعد جملة زيارات خارجية حلَّ رئيس الوزراء ووفده الوزاري الرفيع ضيفا على المانيا، ليلتقي رئيسها ومسؤوليها فضلا عن ممثلي الشركات الالمانية الكبرى.
المتتبع لحديث السوداني في كل لقاءاته يلمس بوضوح رغبة العراق في وضع ثقته بالشركات العالمية - ومن بينها الألمانية - في إعادة الإعمار وتطوير البنية التحتية. حيث اشار إلى أن الشركات الألمانية تمتاز بخبرة وكفاءة عاليتين وسمعة عالمية في مختلف الصعد الإعمارية والتنموية والاقتصادية.
السوداني أكد أن الحكومة العراقية تسعى إلى تشخيص التحديات التي تواجه عملية الاستثمار في العراق بما ينسجم مع المعايير العالمية، وتعمل على تذليل العقبات أمام عمل الشركات والحد من البيروقراطية، التي تواجه المستثمرين وتبسيط الإجراءات.
كما لفت رئيس الوزراء إلى أن الحكومة العراقية عمدت على تسهيل منح سمات الدخول إلى الأراضي العراقية للمستثمرين مباشرة في المنافذ الحدودية العراقية (البرية، والبحرية، والجوية)، فضلا عن السعي إلى فتح خطوط جوية بين العاصمتين بغداد وبرلين وباقي المدن العراقية والألمانية، لتعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية والسياحية بين البلدين.
من هذا الحديث نستقي عزم وطموح بغداد إلى شراكة ستراتيجية وتعاون في جميع المجالات مع جميع الدول - شقيقة وصديقة - والحرص على اشتراك شركات القطاع الخاص العراقي بالمشاريع التي في عهدة الشركات الرصينة وعمل شراكات استثمارية معها لتحقيق الشراكة الستراتيجية وديمومتها إلى جانب أهمية تنشيط السياحة بطريقة المجاميع السياحية لزيارة المناطق الأثرية والسياحية بالعراق وتجاوز العقبات. لا يخفى على أحد بأن العلاقات الألمانية العراقية بدأت قبل تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
منذ تسعينيات القرن التاسع عشر، كان لدى ألمانيا في عام 1913 مخططات في الشرق الأوسط وخصوصاً في العراق، مثل خط السكك الحديدية الذي ربط بين برلين وبغداد. حيث قدَّم الانقلاب العراقي عام 1941 (القومي والمؤيِّد لألمانيا في العراق) فرصةً ثمينة لألمانيا.
كانت سياسة ألمانيا تجاه العراق تتمثَّل بمواجهة نفوذ لندن في العراق وتعزيز نفوذها وقوتها في البلاد والسيطرة عليها. لكن الهزيمة العسكرية التي منيت بها أنهت دورها في العراق.اما اليوم فالعراق يعي أن جميع المعادلات الاقتصادية والسياسية والتجارية يحكمها فن الاستقطاب وحفظ التوازن مع جميع الأشقاء والأصدقاء، إلى جانب ضرورة ان تلعب بغداد دور الوسيط أو حلقة الوصل بين جميع دول العالم.