05 Feb
05Feb

« الى محمد اليتيم الذي اخرجوا مفاتيح الجنان من قميصه… وعثمان العبيدي»
كعادته،حين يلوذ الفجر بوجه الله، تكبّر مئذنة الفقراء،يوقظ طفل الثورة جدّته لتصلي،إبن الدمعات العشرة يخرج بعد أذان الفقر ليحمل سلّة أرغفة،وكتابا يحمل عطر أبيه[ كان المؤذن يصيح:أشهدُ أن عليا ولي الله]،في نفس العتمة ، يستيقظ عثمان من رقدته ، يوقد فرنا حجريا لرغيف أبيض من قلب يتيم [ كان مؤذن جامع ابي حنيفة يكبّر ، لم يشهد أن عليا ولي الله ]،لاضير،فالله واحد،والرسول واحد،وعلي لايزيده اوينقصه إن شهد مؤذن الثورة او لم يشهد له مؤذن جامع ابي حنيفة، فالجسر الموصل بين الثورة وجسر الائمة واحدْ.
يتساقط حزن الله على مئذنة الفجر،ينسكب اللون الابيض فوق شوارع قريتنا، يتهيّأ عيال الله لمواجهة سجينهم الذي علّمهم الذلَّ، وأقول: الصبرَ وكظم الغيظ، تنسل المدن الموجوعة وهي تطأطيء هامات النخل على أرصفة الثورة.
[ روى الراوي،أن محمد اليتيم اصطحب معه مفاتيح الجنان،كانت قدماه الصغيرتان تقفزان على اسفلت الشارع وهما ترومان اللحاق براعي الموكب الصباحي،كان همُّه أن يراه الكاظم في ثلّة زواره،وإلاّ……. كيف يعتذر اليتيم من ابن رسول الله؟
كان الصمون يتقلّب بين يدي عثمان مثلما تتقلب الطلقة في خدود القبر……
خفق نعال، كثر،تطبطب وجه الشارع،والشارع يشمت بالجزرات الوسطية.
قبل أن ينغلق الباب ،كان محمد يتقلب في عيني جدّيه،أوصاه الجدُّ بأن يزور له بالنيابة، وأن ينقل اعتذاره الى باب الحوائج……لأنه كسير وكبير وحسير…لكن ياجد محمد…. كيف سيعتذر الكاظم منك؟؟
كان عثمان من السابحين وحين كان يتوسط دجلة،يغطس مذهولا من قبب تتراءى ،ذات اليمين وذات الشمال،كان كل منها يشده بحبل من مودة.
المسافة بين الثورة وبين الاعظمية هي نفس المسافة بين آخر كلمة سمعها الله من ضلع محمد وهو يتكسر واخر صرخة من فم عثمان العبيدي وهو ينغلق،كانت مسافة مابين بياض العين وسواد المقلة.
– يوقظ السجانون سجينهم الأبدي موسى بن جعفر نكاية بجسر الائمة،ليعيدوا مسرحة الحادث الازلي: يدخل السندي بن شاهك الزرقاوي الى دائرة استخبارات عسكر الخليفة وفي كفيه طبق من موت برحي،يجبره أن يأكلها، يمضغ واحدة…اخرى…ويعود الى سجادته، يسأله السجان:
– الى اين؟
يقول :الى حيث وجهتني».
يلف السجانون الجسد المتعب بعباءته، يخرجون من صدره مفاتيح الجنان امام الكاميرات، بينما تغمض عين الكاظم مشهد جسر يغرق بين دموع الله،يصيح الصائح: هذا امام الرافضة.
ياابن جعفرْ
وجه الارض تغيّرْ
رايات كثر ووجوهٌ اكثرْ
كان بودّي ان ألقي ثوبك في وجه محمد،لكن هيهات…
ثوبك اقصر من ان يظلل قدميك المثقلتين بحديد الخلفاء.
ياايها المنفي عن جسدك…..
تتقاطر السنوات مثل ارواحنا المتعبة ونحن نحمل نذورنا ونصفّها بين يديك،
نلج بيبانك الخالية الا من مقلتيك.
اصابعنا العمياء تتلمس فضة شباكك ،
نصيح:
« السلام على راهب بني هاشمْ
السلام على المعذب في قعر السجون وظُلم المطامير
السلام على ذي الساق المرضوض بحلق القيود
السواد على الجنازة المنادى عليها بذل الاستخفاف
والوارد على جده المصطفى وابيه المرتضى وامه سيدة النساء
بارث مغصوب
وولاء مسلوب
وأمر مغلوب
ودم مطلوب
وسم مشروب
السلام على صاحب السجدة الطويلة…»
لكنك يامولاي أذللتنا بسجودك الطويل،وقد فاتنا آذان الحكم وأدركنا آذان اللطم.
ياابن الحسين
لماذا خُلقتم قريبين من مجرى الدمع؟
اسمع صوتا ، فوق الجسر وقرب جنازتك التبكي:
هذا الغريب امنين وين أهله راحوا وين؟
مات بسجن مظلوم وبلاذنب مسموم
وين اهله راحوا وين؟
عذرُك يامولاي انك صاحب غربة،مثل دمي،هذا السجن المحمول معي،وليس لديك عشيرة تمد أياديها اليك،فالعشائر تحالفت مع الفضل بن الربيع لترشيح خليلزاد إماما مفترض الطاعة عند كنيسة نوتردام.
عاش الكاظم وحده،عاش وحيدا ، أربعة من جدران صماء،لاضوء الشمس ولا نسمات من ليل الخلفاء المخصيين….
كان الكاظم يأنس بالله، يصلي حسب مواقيت السجانين…ويفطرُ…
للوحشة باب يدخلها الكاظم يوم الحشر،ينادي: اين الكاظمُ صاحب وحشة سجن الكرخ،ستشهد جدران السجن على مظلوم مسموم ملفوف بعباءة هذا الليل الحائض بالمنفى،كان صديقي الكاظم يتلو القرآن بلون الضوء المحفوظ على جبهة حائطه،باب للجنة يدخله الشيعة والسنة محكومين بذرف الدمع على دجلة…. ياماء الحائر كيف تركت الطفل وحيدا إلاّ من أضلاع تشكو وجع الجسر؟
الطامورة طامورة هارون، والسندي بن شاهك سجّان الكاظم إبن عم الخليفة… هكذا الخلفاء يسجنون أبناء عمومتهم ليعلو طبل الوعاظ بان خليفة الله وظلّه على جسر الأئمة لايفرق بين محمد اليتيم وعثمان العبيدي.
بشر الحافي يركض خلف خيال مرق التوّ….ويجثو:
– هل من توبة؟
– يابشر الحافي،
ياعبد الله الواقف بين جبال التوبة وحقل الاثام،كن صاحب همي الليلة، سأنثّ الحزن على وجهي ، فيتيم الثورة جاءك سعيا لزيارة مولاه، وهذا الطوفان له نوح يحميه من الوحشة، هل أبصرت خيال صبي في عمر الورد يضم مفاتيح القبر الى صدر ايبسه اليتمُ؟
ياحارس باب الجسر تهيّأ،
هذا الطوفان القادم يحمل وجه محمد،
لم يحسن تنوين الضمّ، فضم كتاب الجنة بين ضلوعه، ولم يحسن فتح الألف فسعى أن يفتح باب الجسر،لم يحسن كسر النون فأوقفه الموت على دجلة مكسورا من حشرجة النسوة يلقين بانفسهن الماء فيرتد الصوت بعيدا.
أوجعني هذا الوجه اليضحك في وجه الجسر،أرأيتم وجها يضحك في موت أبدي، ياكاظم غيظ الدهر،أجبني مولاي: أنّى يصبر قلبك في موت صبي يفقأ عين التاريخ ببسمته؟
روى الراوي ان محمد اليتيم كان يحمل مفاتيح الجنة،وقطعة من كعك مسوّدٍ،كان (مفاتيح الجنة) كتاب أدعية وآيات من ذكر علوي، لم يحمل معه تمثالا يعبده أو آية مكذوبة للضحك على ذقون المسلمين، كان يحمل زيارة أمين الله الذي خانه الخوارج،ودعاء كميل الذي قتله الحجاج،وزيارة الحسين الذي ذبحه يزيد،وزيارة العباس الذي قتله الاشاوس الأقحاحُ من بني يعرب،كان يحمل قنبلة نووية من دمع علوي، وكان يحمل فقر العمر بثوب واحد،وسنوات العمر اللائي ايتمها الله بحكمته.
كن خلّتي لأكونَ خلَّك ياحاملا في الموت حِمْلَكْ
من ألف الفٍ يستغيثُ الجسرُ أن تعطيه سؤلَكْ
أن يستطيل عباءة ليجيء قبــرَك او محلَّكْ
ليشيد بالأعواد مأذنةًً ، وبالاحجار َنْزلَك
للجسر الفُ يدٍ،وليس بوسعها الكفّان حَمْلك
يانائما دون العباءة يستظل الروحُ ذلِّكْ
ياوحشة السور الطوال وقدتركتَ الصوتَ قبلك
ياابن الصلاة الصوم حين يريد هذا الحرفُ نَحْلَكْ
ياابن المحاريب التي ملّتْ مخافة أن تملَّكْ
تنسلُّ من ظُلَمِ المطامير التي اهدتك طلّك
ألف واربعة تمرُّ ونحن دون الجسر نهلك
صرنا لرحم الجسر هدباً بين جفنك كي يَظلّك
مثل المغازل يوم دارت ترتجي فـي الغيب غزلك
كتساقط القطرات تستبق السواقي البيضُ نَهْلك
للجسر أجنحة تفرق بين كل الناس شمَْلك
أن تصطفيك على المدى مقلٌ وأن تنسيك فضلك
الجسر طورُك ياغريبُ، ولم تكن سيناءُ مثلك
لا التيهُ أورث زائريك البعد بل اهداه قِبلَك
أهداه أن واساك حين أتاه يجر رِجْلَك
وأقول ياموسى جفاك العتبُ حين اتيتُ رحْلكْ
كن خلّتي فأكون خلَّك ولئن مشيت تبعت ظلّكْ
يابضعة هي من أرتني حين جئت إليك ، كلَّكْ
كن أيها الوجع الشفيف عباءتي، فأكون شكلك
كن أي دامعة تجودُ لتلعق الصحراءُ رملك
كن أي نافذة تطلُّ،تبيحُ في البلواء ظلكْ
كن ألف باصرة وقل لي: هل رأيتَ اليوم اهلك؟
……
ياغافين على ضفة هذا النهر الجاحد،
ياكل عطور العنبر بين عباءات النسوة،
بين الفوط الملآى بعبير الطين،
وبين الوجع الغافي بين شفاه الكاظم،….
ياأيتام الجسر الواقف مثل عيون النسر،
يااوجاع انتظري وجه محمد يتلو بين الغافين دعاء الندبة.
وجهك يعرف هذا الألف،
فهم زوارك يوم أباح الموت أياديهم فوق الجسر،
ووجهك اوجعه الالف الثاني،
لكنك مولاي نسيت يتيم الثورة يسعى صوب الجسر يدافع اطنان اللحم البشري،
لكن الموت أصمَّ أذان الجسر وأهوى الموت على عثمان،
لم يعط الراية كف الموت،بل دسَ كتاب الموتى بين ضلوع أبيه التتكسر يوم تهاوى طفل الثورة بين الألف الأول للميلادْ


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة