12 Mar
12Mar

دعوني أبدأ المقالة ببعض المنطق وخلافه للواقع مع سياسية اللاعقلانية التي يمارسها الكيان المحتل فوق مربعات الموت في غزة، وسياسة اللامنطق المفتوحة على الواقع وتقارب الخيال فلا ندري من يدير اللعبة من الخلف ومن يقف في الواجهة, ومن يوزع الضحايا بالمجان بطريقة تجاوزت كل مراحل الخطر المعقول , وبأية وسيلة كانت وبالتالي فإن أي إدعاء خارج هذا المنطق هو فاقد لكل أدبيات التوصيف السياسي الواقعي
دعوني أقول أيضاً، بمعقولية دون عاطفة، إن غزة , بنسيجها النضالي الصلب, لا يمكن أن تكون على الهامش أو تكون مشروعا مباحا للتهجير , وشعب غزة هو منطق التصحيح ومنطق التأريخ، وما كان ممكنا أو متاحا صار اليوم مستحيلا وبات الهامش هنا هو خطة مسرحية الممر القبرصي من لارنكا الى غزة والميناء العائم لتلعب الأطراف المعنية بالممر دور المهرج السياسي، تبحث عن أداة تعويض سياسي لها، بحجة حل الأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة.
وهنا نستغرب المنطق , فكيف يواصل الراعي الأمريكي تزويد إسرائيل بالذخائر والصواريخ التي تستخدمها للقتل في غزة، بينما يعمل على توصيل المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين عبر الممر القبرصي وليس جو بايدن وحده من لبس قميص يوسف هنا , فقد سبقه باراك أوباما الذي بعث الطائرات العسكرية في عام 2014 لعشرات الآلاف من الإيزيديين المحاصرين في جبال العراق بينما كانت داعش صنيعة مخابراتهم أو كما أمر جورج دبليو بوش في عام 2001القوات البريطانية والأميركية التي تضرب حركة طالبان بمساعدات غذائية للسكان في أفغانستان إنها سياسية الكيل بمكيالين وواقع الإنتقام والوهم السياسي.
ومع الوهم الأمريكوصهيوني , نعي المخطط الجهنمي من وراء الميناء المزعوم والذي بات العرض الوحيد المتاح بحريا , بكلفة خيالية بلغت 35 مليون دولار، ورصيف عائم لا يقل عمقه عن 17 مترًا، بمساحة 6 كيلومترا مربعا، بما في ذلك مستشفيات عائمة ووحدات سكنية وأن المدة لإنشاء ذلك هي 60 يوما مما يثير تساؤلات حول كيفية تجنب المجاعة في غزة في الأيام الحرجة المقبلة؟
ومما يطرح تساؤلات أعمق حول تحمل أمريكا كل هذه التكلفة بينما يوجد حلول بديلة سهلة من معبر رفح وكرم أبو سالم , إلا إذا كانت الخسائر ستعوض من غازغزة مستقبلا؟
ولسخرية التأريخ, كانت فكرة الممر البحري والمطار في غزة مطروحة بطريقة غير ملزمة في اتفاقيات أوسلو عام 1993 ثم تكرر الطرح في عام 1995 بإنشاء ميناء بحري يربط بين أربعة موانئ بحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط من أشدود, العريش , غزة والعقبة وطرح لسنوات متتالية لكن لم يتحقق شيئا ليأتي بالمقابل مخطط صهيوني في عام 2015 وتطرح إسرائيل إنشاء ممر بحري يربط غزة بجزيرة قبرص كبديل يتمم فك الإرتباط نهائيا مع غزة بمفاوضات بين رئيس الوزراء البريطاني توني بلير وخالد مشعل ثم توالى الطرح الإسرائيلي, في 2018 بإنشاء رصيف بحري لقطاع غزة في جزيرة قبرص لكن الظروف كانت غير مهيأة لتفيذه واليوم نجد الظروف مفصلة تفصيلا دقيقا مناسبة لتنفيذه وحقيقة أن هذه المبادرة تضم حليفين رئيسيين لإسرائيل – الولايات المتحدة وقبرص –والأهم أن قبرص ملاك الرحمة سعت لتنفيذ المخطط بطرحه بعد أقل من شهر على بدء الحرب قبل أن يغلق الكيان المنافذ البرية ويمنع المساعدات وتحدث المجاعة فمن كان يعلم بهذه السيناريوهات ؟؟ فهل نصدق السردية القبرصهيونية؟
إنها لعبة إنسانية الشيطان على الأرض فصل غزة عن كل ما يحيط بها خطة نتمنى ألا تكتمل حين نتكلم عن منطقة ساخنة أمنيا لا تهدأ إنهم يدفعون لبناء قاعدة عسكرية أمريكية بحرية قوامها ألف جندي أمريكي لتشديد الحصار والمراقبة على القطاع والتلويح بورقة معبر رفح السياسية والتحضير لليوم التالي للحرب وتثبيت قاعدة صهيونية لتأمين خطوطها من مخاطر بحرية باتت محتملة وقاعدة خدماتية لأميركا والغرب في الإقليم.
والهيمنة على ثروات غزة فلسطين من الغاز الطبيعي غير المستغل وتحجيم أي دور لأي طرف إقليمي ومنها تركيا ودخول قبرص باب المناكفة السياسية لتركيا وسرقة غاز البحر الأبيض المتوسط مقابل شواطئ غزة، والسيطرة على أموال الإعمار، وإقامة مشاريع طرق بحرية وإقتصادية للهيمنة الإقليمية وكذلك تفكيك منظمات دولية مثل وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
ورغم أن البعض يشيرون إلى بعد آخر للتأثير المحتمل للميناء العائم حيث سيشجع عن غير قصد على الهجرة الغزية الطوعية إلى أوروبا، فأنني أجد ذلك مرفوضا، فأهل غزة يرفضون مضمون التهجير رفضا باتا، ولو فرضنا هذا الإحتمال وإعتبرنا أن مئة ألف شخص قد غادروا فهم ليسوا نسبة تقارن بشعب مليوني خصب عقيدته الشهادة.
وفي الواقع السياسي الآن الجميع يحاول تحقيق إنتصار مزعوم عبر الممر, بايدن يستغله للتأثير على نتيجة الإنتخابات الأمريكية، ونتنياهو يحاول ترتيق ثوبه الممزق بالفشل، ومع ذلك، يبقى المنطق والمعقول أن يتم وقف إطلاق النار وفتح المعابر البرية حتى تتوقف المجازر وعملية التجويع , والإبادة , لا التعزيز لإستمرار الحرب وشرعنة نتائجها؟
وقد يكون هناك نوع من حرب لا نهاية لها وتواجه إسرائيل سيناريو حرب الإستنزاف على جبهتين أو أكثر، في لبنان وقطاع غزة وغيرها، وهي غير قادرة حالياً على إنهاء القتال وتتكبد خسائر فادحة دون تحقيق نتائج ملموسة.


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة