الكثيرون، يحسدون الوزير، على منصبه الذي يتبوأه، وقد وصل الحسدُ إلى حد ضربوا به الأمثال، فيقولون: (قابل انت وزير)، ويُضربُ هذا المثل في الأشخاص الذين يتعالون على المجتمع، أو الذين لايفون بالتزاماتهم، على اعتبار أن الوزير لا يوجد من يُحاسبه، فهو سلطان، فوق السلطات والقانون.ولم يكتف الناس بحسد الوزير على منصبه، بل استهدفوا المدير العام أيضاً، فيقولون للموظف الذي يتأخر عن الدوام، (أي عيني انت مدير عام، تداوم الساعة العاشرة).والحقيقة ليست كذلك تماماً، فلا الوزير سلطان، ولا المدير العام، يداوم بكيفه -كما يقولون-، فما يقوم به الوزراء والمديرون العامون من جهود وما يؤدونه من أعمال، فضلاً عما يتحملونه من ضغوط هائلة، سياسية واجتماعية، وحتى أمنية، وما تفيض به منصات التواصل الاجتماعي من تنمر وتهكم، وإشاعات، وإساءات، وبذاءات (ماينلبس عليها ثوب)، تجعل منصب الوزير واحداً من أصعب وأخطر وأزعج المناصب، التي يمكن أن يحصل عليها الإنسان، خصوصاً في وضع مثل الوضع في العراق، وهنا لست بوارد الدفاع عن الوزراء، ولا المديرين العامين، وإن كان الكثير منهم يستحق ذلك فعلاً، لما يؤديه من مهام جسام، رغم حجم الضغوط التي يتعرضون إليها، فأنا أعرف بعض الوزراء، ربما لاينامون في اليوم الواحد إلا ثلاث أو أربع ساعات، فهم بين دوامهم في وزاراتهم والتزاماتهم واجتماعاتهم، تكون ساعات النهار قد مضت تبعتها ساعات الليل، وأعرف أن هؤلاء الوزراء يأتون مبكرين إلى مكاتبهم، حتى قبل موظفيهم، أما عن المديرين العامين، فلم يعد وضعهم كما كان يُضرب بهم الأمثال في عدم الالتزام بالدوام، فهم في مرحلة، محسوب عليهم ولهم كل شيء، ومطلوب منهم الدوام حتى في أيام العطل، هكذا جاءت توجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي قال ذات يوم، سأكون مزعجاً في متابعتي لمفاصل العمل، وفعلاً بدأت أثار تلك المتابعة تؤتي أكلها، فالسيد السوداني لايكل ولا يمل من المتابعة الميدانية، فهو يتنقل من موقع إلى آخر ومن محافظة إلى آخرى، ويخرج من اجتماع ليدخل في آخر، يلتقي الكثير من الفعاليات، والمسؤولين، ويسجل بقلمه كل شاردة وواردة، يسأل عن المشاريع، ويفاجئ المنفذين لها بزيارات ميدانية، للوقوف على واقع الحال عن كثب، بعيداً عن التقارير المدبجة، التي تكون مضللة في بعض الأحيان، وليعطِ رسالة، بكلمات واضحة ، مفادها، أن الحكومة لديها برنامج بتوقيتات زمنية محددة، عليها الإيفاء به تحت أي ظرف من الظروف، فمن لحق بالركب كانت له بصمة في خدمة العراقيين، ومن تخلّف جئنا بغيره، ليكون قادراً على أداء المهمة، فشعارنا (حكومة الخدمة) ومحظوظ من سجّل اسمه في سجل خدمة العراقيين.ووفقاً لهذه الصورة، فثمة تقييم لمستوى الأداء والقدرة على تنفيذ الواجبات من قبل المديرين العامين والوزراء، وقطعاً أن مثل هذه المتابعة والتقييم، تجعل الوزير والمدير العام، يتسابقون في مضمار تقديم الأفضل، والنهوض بمستوى أداء مؤسساتهم. ملاحظة: مقال من هذا النوع سيعرِّض كاتبه للكثير من موجات التهكُّم والتندُّر وحتى التنمّر، لأننا في زمن البحث عن "الطشة" التي لاتتحقق إلا بشتم الحكومة وكل مايرتبط بأدائها.