إن انتخابات مجالس المحافظات في دورتها أواخر العام 2023، كشفت ستر الأحزاب السياسية العراقية، وفضحت المستوى الهابط للثقافة السياسية والانتماء الوطني لملايين من العراقيين.إنها كشفت ستر الأحزاب السياسية، لاستقتال أغلب هذه الأحزاب على إجرائها، رغم أنها تعد باباً واسعاً للفساد المالي والإداري وتزيد من تعميق الانقسامات الطائفية-المناطقية-العشائرية-الدينية.
وكشفت ستر الجماعات والأحزاب السياسية المعارضة أو المقاطعة لها، من حيث أن مقاطعة هذه الأحزاب ناشئة من اختلاف على المغانم ليس إلا، وإلا ما مصادر دخل زعماء وكبار الممثلين لهذه الأحزاب المعارضة أو المقاطعة لانتخابات مجالس المحافظات التي يعتبرونها باباً من أبواب الفساد؟ (نحن لا نختلف مع المعارضين لانتخابات مجالس المحافظات على أنها باب من أبواب الفساد، لكننا نختلف عنهم في أننا لا نخشى إن طبق علينا قانون «من أين لك هذا؟» ونرى أن الأسلوب الدعائي الذي تستخدمه الأحزاب المعارضة والمقاطعة لانتخابات مجالس المحافظات في كسب الأتباع؛ المستند على العصبية الدينية-العشائرية-المناطقية-الطائفية هو ذات الأسلوب الذي تستخدمه الأحزاب الداعمة لإجراء انتخابات مجالس المحافظات.) وفضحت هذه الانتخابات ملايين العراقيين، بعد أن باع بعضهم نفسه بثمن بخس لأحزاب سياسية تجاهر بالولاء لغير العراق، وباع آخرون أنفسهم لأحزاب قائمة على الطائفية والمناطقية، وباع آخرون أنفسهم لأحزاب ذات نزعة انفصالية، وباع آخرون أنفسهم لأحزاب سياسية عائلية وقادة انتهازيين، وقد باع هؤلاء الملايين أنفسهم بأشكال وصور مختلفة. لا أدري، كيف يبيح الواحد منهم لنفسه أن يفكر بالشكوى من الفساد المالي والإداري المستشري في العراق، وهو وأشباهه المادة الخام لهذا الفساد؟! قد نبرر للملايين من العراقيين بيع أنفسهم للأحزاب السياسية غير الوطنية، والتبريرات عديدة، فالفقر والمرض والجهل والخوف من الحاضر والمستقبل؛ كلها مما يدفع الملايين من العراقيين القابعين تحت خط الفقر على بيع أنفسهم لكل قادر على الدفع. لكنه يصعب علينا -بل يستحيل- تبرير الفساد المالي لزعماء وقادة الأحزاب والجماعات السياسية والعشائرية في البلاد.أظن، أنه في بلد كالعراق، تنخره الانقسامات في كل شيء، فإن «التنصيب المركزي للمحافظين ومعاونيهم» هو الحل للقضاء على العديد من مصادر الفساد المالي والإداري والقضاء على العصبيات الاجتماعية المختلفة في عموم المحافظات العراقية، وهذا ما يعني وجوب إلغاء انتخابات مجالس المحافظات.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"