التصريحات التي ادلى بها السيد محمد شياع السوداني لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية أثارت جدلا واسعا لدى المراقبين والأوساط الشيعية .. ومما جاء في تصريحاته ، تأكيده على العمق العربي واصراره على استخدام مصطلحات جغرافية كان بامكانه تجنبها ، ومما زاد الطين بلة هو حديث السوداني عن ضرورة بقاء القوات الأميركية على الأراضي العراقية لأجل غير محدد، لمواجهة خطر تنظيم الدولة، وفقا للصحيفة !!! وقد أثارت هذه التصريحات الأوساط الشعبية الشيعية وكذلك الجارة إيران التي استدعت بدورها السفير العراقي لدى طهران، وأبلغته استياء إيران من تصريحات السيد السوداني ، وان اصراره على استخدام مصطلحات تثير حساسية الإيرانيين ، حتى ذهبت بعض الصحف الإيرانية إلى تشبيه السوداني بالرئيس المقبور صدام وأنه يسير على خطاه بعد اصراره على النهج العروبي والارتماء في احضان الدول العربية والغربية وتقديم مصالح تلك الدول على مصالح العراق والعراقيين.. وهنا لابد من التوضيح حقيقة لا بد من الإقرار بها، وهي أن الهوية العربية حاضرة في العراق، وأن العراقيين وضعوا القومية العربية في مقدمة أولوياتهم .. ولهذا فإن مصطلح "العمق العربي" من المصطلحات الشائعة في المعجم السياسي العراقي، وهو ما يمكن تفسيره بوجود غالبية عربية في هذا البلد. وأن الغالبية الساحقة من المجتمع العربي العراقي تفتخر بهويتها، وتريد تقوية علاقاتها مع الدول العربية، وهذا مطلب عام، ولا يقتصر على تيار أو فصيل سياسي معين ولكن ليس على حساب المصالح العراقية . ويبقى استسلام او تماشي السوداني مع الرغبات الأمريكية والخليجية في ملفات الاقليم والكهرباء والنفط والمالية هو من أجج المشاعر الغاضبة وزاد من حدة الاعتراضات والمخاوف من النهج الذي يسير عليه السيد السوداني ، فبالرغم من حالة الرفض الشعبي والاستياء من مد انبوب النفط إلى العقبة وما يترتب عليه من تخصيص مبالغ خيالية تصل إلى ١٧ مليار دولار إلا ان حكومة السوداني فضلت الصمت وعدم الاستجابة إلى المطالب الشعبية خاصة لو علمنا ان المستفيد الوحيد من مد هذا الأنبوب سيكون الأردن والكيان الصهيوني ومصر ! قد ينجح السوداني في هذه المرحلة بتمرير ما يصبو اليه من خلال إظهار نفسه الرجل القوي والمحبوب والوطني خاصة بعد ان وجد الشارع العراقي تغيرات ملموسة في الاعمار والدوائر وزيادة ملحوظة في رواتب المتقاعدين وغير ذلك .. ولكنه قد نسي او تناسى ان الضمير العراقي الوطني يأبى أيضا أن يسلم زمام قيادته إلى الخارج، وكان هذا ديدن العراقيين منذ أن عرف العراق كدولة، إنه شعب صعب المراس . ويخطئ بعض السياسيين العراقيين إن ظنوا أنهم قادرون على ترويض العراقيين بالقوة والبأس والبطش، أو أن العراقيين يقبلون بتسليم مقدراتهم لهذا الطرف او ذاك ، ذلك خطأ تاريخي وجب العناية بفهمه، ولم يستطع أي نظام عراقي، مهما بطش أو استخدم وعيا كاذبا أن يقيم نظاما شرعيا مستقرا في العراق، وهو يهين العراقيين ويسلم قراراتهم إلى الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها ..
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"