- آرائكم
- ربما حدث هذا في منام ثقيل-
عدتُ إلى بغداد العزيزة البارحة . كان الوقت جامداً على رازونة الغروب ، وكنت على تعبٍ من أثر الطريق .
شغلت عداد الذاكرة بعلاوي الحلة ولوحت بيميني العالية صوب بوابة المتحف الكبير .
انعطفت قليلاً ناشداً بناية التمور فلم أجدها .
ثمة مقهى جزيرة العرب ولم أعد أفرق بينها وبين كهوة ناصر حكيم .
سطر مدهش من دكاكين صباح القيمر المصفر دسماً وعافية ودبساً بجوار الماعون
على الجانب الآخر ما زالت القيصريات تصدر ضجيج ماكنات الخياطة .
كانوا يرتقون ويقصرون ويضيقون ملابس الجند ، كي يذهبوا إلى شقوق الموت البعيدة متأنقين وممتنين مثل دعاء مستتر بجيب شهيد .
لم أعثر على شيتات سينما بغداد ، ولا على خط سيارات الكوستر والريم الميممة ركابها صوب الكاظمية وما قبلها من العطيفيتين الأولى والثانية حتى تدويرة عدن .
خلف زوامير الشاحنات وعياط السوقة ، ثمة دكان مرفف بأصناف الخمور ، وقد انزرعت ببابه العريض عربانة لبلبي ولبلوب ونارنج وابتسامة عافية .
هبت ريح قوية ودبقة فوجدتني بمفتتح جسر الشهداء البائن من خشم الكرخ .
لا تمثال لعدنان خير الله ، لكن ميناء الشواكة ظل ينصت لخلاعيات الملا عبود الكرخي ، وقفشات الصيادين وأبلام الرحلة الرائقة إلى ذاك الصوب .
قبل أربعين سنة كنت أعلم بعدد القناديل المنصوبة على ظهر الجسر ، ومكان الثقب الذي صنعه صاروخ أمريكي وغد .
في منظر مباغت ورحيم ، لقيت جان دمو وكزار حنتوش وحسن النواب وعقيل علي ونصيف الناصري وجمال حافظ واعي وحسين حسن وصباح العزاوي وحامد الموسوي .
كان كل واحد منهم يحمل رغيف خبز مثلم من جهاته الأربع .
سألتهم عن نوارس الجسر قالوا إنهم من أحباب السمك .
عندما عانقني جان ورشقني بسطر من كلامه المعسل ، فززتُ وكنت على ظمأ عظيم .
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"