انشغل بين الحين والآخر بقراءة كتب النظم وسياسات الملوك، ومواصفات الحاكم، وأسس نجاحه، في تراثنا العربي الإسلامي الزاخر.
لكن وعلى كثير ما قرأت لم اجد شيئاً يربط بين سياسات الحكم، وبين تظليل سيارات المسؤولين والزعماء مثلاً بكونه يمثل احدى أساسيات الحكم المعاصرة… أو كما يظن ويقال.
وعلى الرغم مما يبدو من سذاجة المحاولة تلك، إلا أني أجد فيها بعض الوجاهة، فما يخص السيارات الحديثة ينطبق بشكل أو بآخر على مواكب السلاطين والأمراء قديماً، وما يتفنن في صنعه اليوم من الزجاج المظلل والمعتم يقاس على وسائل المنع وحجب رؤية الشعوب والرعية والتي وجدت في أوقات كثيرة من تاريخنا ممن يقوم بها حماية للحاكم او منحه المهابة والأبهة المطلوبة.
وبالعموم، وبعيداً عن هدف الحماية الذي لا اختلاف حوله، فان كثيراً مما يجري اليوم إنما تتراكم سلبياته حتى تصل حد العتمة المحظورة والمحذورة، ومن ثم الوقوع في فخ التضليل بعد ان كان الهدف هو التظليل، فليس الفرق في حرف، ولا في فتحة وكسرة، بل هو فارق شاسع ونظام كامل في إدارة الدول وشؤون الأوطان.
كما اني المس مسألة مهمة، وهي ان الدول الهشة والأنظمة الواهنة، تكثر فيها هذه المظاهر، فلا يحتاج الحاكم العادل ولا الدول القوية إلى الاغراق في ذلك، بل هو سبيل من لا يجد حيلة لمعالجة المشاكل والأزمات، فيعالج بفخامة المظهر خواء الجوهر!
ان هذا الظلال المتفاوت في درجاته إنما يوجد حاجزاً متزايداً عن الشعوب، وهو يجعل المسؤول يعيش في حالة وجو خاص لا يمكنه أن يستشعر ما يمر به المواطنون من واقع سيء ورداءة حال، وهو ما يزيد من قساوة القلب، وضعف الاهتمام، والتوقف عن إنتاج ردود الأفعال!
وعلينا التذكر دوماً، ان مشاركة الهم لا تكون وجدانياً فحسب، واستشعار الهم والمعاناة جزء كبير من إيجاد الحافز والدافع للعمل الإيجابي والسعي للاستجابة لمطالب الجمهور، وبدونه سنظل جميعناً نقابل حرارة العوز ببرودة الشعور، ولا فائدة لأي قول او دعوة حينها للمساندة والدعم والتي تحتاج دوماً إلى حرارة التعاطف وجدية الأفعال.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *