خلال مراحل حياتي الشخصية ، والمهنية ، ادركتُ ، وتيقنتُ ، ان بعض الأشخاص يبقون في القلب ، وليس في الحياة ، والعكس صحيح ، وهذا الاستنتاج ، لم يمر سريعا في ذهني ، فكتبت ، لكنه نتاج تجربة عميقة ، جاءت نتيجة النضج وفهم الحياة ، بمراحلها الحلوة والمرة ، وايضا ادركت ان على المرء ان لا يكن كريماً مع البخيل ، ولا بخيلاً مع الكريم ، ولا يكن متحدثاً مع الجاهل ، وان لا يكن قاسياً مع من يحبه ، ولا يكن لينا مع من يغار منه .. هذه رؤيتي المتواضعة للدنيا ، وشخوصها ، وهي رؤية بسيطة من رجل بسيط ، اعطى الكثير ، دون ان يفكر برد لذلك العطاء ، رغم معرفته ان الدنيا اخذ وعطاء ، فما اجمل المطر ، فهو اينما يقع ، ينفع . ولا يميّز حين يهطل بين القصور وبيوت الفقراء ..لقد آمنت منذ بواكير حياتي ان كلمة ( الأخذ) يجب ان تحذف من القواميس ، وتكون كلمة ( العطاء) هي العليا .. فما اجمل العطاء للآخرين ، حتى ان لم تجد كلمة .. شكرا ، فصغار العقول يرون ان كلمات الشكر ، والاعتراف بالجميل «مهانة» بعكس كبار العقول الذين يرون في كلمات الامتنان «رقيّا» وتهذيبا للنفس .. وها هو الخصب يبقى سرا مخبأ في خاطرة النفس ، كما تبقى الأعشاش مخبأة في خواطر العصافير . عند يفاعتي ، كنتُ اتجاهل كبار السن ، وابتعدت عن ما يطرحونه من أفكار ، لكني ندمت لاحقا ، فالكبار ، اشخاص لهم خبرة واسعة في الحياة ، وعاشوا دورة حياة كاملة ، إنهم كتب من الحكمة لم نستنطقها ، فعشنا طويلا ، حتى بدأنا نرى صفحات الماضي ، ففهمنا سبب رحيل بعض الأشخاص من حياتنا ومجيء آخرين ، ولماذا لم نتمسك بالفرص التي منحت لنا ، بفرضيات غير عقلانية ، وصدقت الحكمة : ( لا تقل أن الدنيا تعطيك ظهرها .. فربما أنت الذي تجلس بالعكس) ! من المفيد التأكيد ، ان الانسان لن يتمكن من الوصول وعيش الحياة التي يريدها إذا ما وضع لنفسه أهدافاً وعمل على تحقيقها، ولا يتوقع الوصول السهل والمباشر لها، وإنما عليه أن يبدأ في العمل على تحقيقها خطوة فخطوة، مع الحذر من المبالغة ، فإن الثقة الزائدة بالنفس تصبح غرورا، والمديح الزائد يصبح نفاقا ، وبالتأكيد سيصل إذا آمن بنفسه وبقدراته، وأول خطوة يجب أن يقوم بها هي أن يتعلم كيف يضع هدفًا قريبًا وهدفاً بعيداً .. وهكذا سينظر لنفسه يوما ويجد أنه حققت الكثير.. مع كل السطور التي قلتها ، علينا ان لا ننسى الأمل .. فهو تلك النافذة التي مهما صغر حجمها إلا أنها تفتح آفاقا واسعة في الحياة .. ودمتم جميعا بخير
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"