يبتدع السماسرة والمضاربون باسعار صرف الدولار أساليب رخيصة في بعدها الاخلاقي، الامر الذي دعا البنك المركزي اتباع سياسة حرق الاخضر واليابس، خصوصا بعد اجراءاته الاخيرة في تقليص سقف بيع الدولار للمسافرين في العراق من سبعة آلاف إلى ألفي أو ثلاثة الاف دولار فقط، بداعي أن هذا الامر سيقلل من عمليات الاحتيال من خلال «المسافرين المستأجرين»، وسيخفف الزخم الحاصل عند بوابات البنوك، هذه الاجراءات ارتدت عكسيا على المسافرين الحقيقيين ورفعت سعر الدولار بالسوق الموازية، وانعكست سلباً على أسعار المواد كافة، واكثر المتضررين من هذا الاجراء هم العراقيون المقيمون في الخارج والطلاب الدارسون في الجامعات الاجنبية، فإرسال الحولات اصبح صعبا ومكلفا على الاهالي، منافذ بيع الدولار بالسعر الرسمي يزدحم عليها السماسرة والمضاربون، بعد أن اصبح الجميع حريصا على فتح حساب مصرفي في البنوك التي تبيع بسعر الصرف الحكومي، ولم يسأل هؤلاء عن سبب حاجتهم لفتح حساب مصرفي ولأي غرض في هذا الوقت تحديدا؟، بدلا من تقليص مبالغ المسافرين إلى ألفي دولار، لماذا لا يقتصر مبلغ شراء الدولار على أصحاب الاقامات والدارسين في الخارج، وايضا المسافرين الحاملين (ختم المغادرة) و(البوردنك) الخاص بصعود الطائرة فقط، وبذلك ينتهي أمر مكاتب السفر والسماسرة الذين يتاجرون بالتذاكر والفيز الوهمية، هل يصعب على البنك المركزي معرفة المقيمين في الخارج؟ ممن يعتاشون على رواتبهم التقاعدين أو ايجارات املاكهم الخاصة؟، وهل يصعب على البنك المركزي معرفة الدارسين في الجامعات الاجنبية خارج العراق؟، دائما تأتي حلول القائمين على موضوع صيرفة الدولار بخلط الاوراق مع بعضها، وتجعل الناس بين مرابٍ مستفيد، ومتضرر يعاني الامرين بسبب تعليمات البنك المركزي، المقيمون في الخارج اغلبهم من الأسر، التي لم تدخل العراق منذ سنوات وتعيش اما على معيل في الداخل أو من خلال اعمال واملاك خاصة، تضييق الخناق على هولاء الناس ممن لا ناقة لهم ولا جمل في موضوع المضاربة وتهريب العملة بحاجة إلى اجراءات خاصة بهذه الأسر، التي أصبحت تعاني من اجل تحويل مبالغ لاتتجاوز 5 آلاف أوعشرة الاف دولار شهريا أو أقل من ذلك بكثير، ولأغراض المعيشة أو الدراسة أو العلاج، المنافذ المرخصة لبيع الدولار محدودة ومذلة بسبب الزحام والتنافس مع السماسرة وغزل بعض الموظفين في المصارف، والدول التي يتواجد فيها المقيمون هي الأخرى، أصبحت تستغل الفرصة من خلال تسليم الحوالة للمقيم بعملتها الوطنية بعد خصم عمولة من الطرفين المرسل والمستلم أو تقسيط المبلغ على دفعات للمستلم، ليظل في الانتظار لمدة 3 أو 5 أيام من اجل استلام مبلغ 3000 آلاف دولار فقط، هذه القرارات أثارت استياء المواطنين، الذين دعوا إلى أن تكون مثل هذه القرارات مدروسة وليست اعتباطية، نفهم أن إجراءات البنك المركزي العراقي، الغرض منها المحافظة على كميات النقد من العملات الأجنبية، وتحديداً الدولار والاحتفاظ به داخل البلاد، ولعدم خروج كمية كبيرة منه للخارج، وإبعاد العملة الأجنبية عن متناول الاقتصاد المحلي، نتفهم جميع هذه الامور، لكن السيطرة على السماسرة والمتاجرين باستغلال السفرالوهمي أبسط من ان يتخذ البنك اجراءات، يعم ضررها على فئات واسعة من المقيمين والطلبة والمرضى.