دأبت الحكومات العراقية المتعاقبة بعد ٢٠٠٣ على التعكز باعلان اقامة مشاريع استراتيجية أو خدمية تظل حبرا على ورق ثم سرعان ما تصبح من الماضي ولست في صدد الدفاع عن حكومة السوداني ولكني أجده رجلا ينوي تغيير المسار والمراهنة على تنفيذ مشاريع استراتبجية وبالرغم من دعمي له بهذا التوجه ولكني في ذات الوقت اختلف معه كثيرا لأسباب عدة فأنا أرى أن حل الأزمات التي تواجه المواطن بجب أن يكون لها أولوية توازي بناء مشاريع استراتيجية لتنويع مصادر الدخل القومي ونبدأ بملف فشلت كل الحكومات السابقه بحله وأشك في قدرة حكومة السوداني في ايجاد حل منطقي وسريع له ألا وهو ملف الطاقة فالسوداني لجأ إلى حلول ترقيعية حاله حال من سبقه في هذا الملف ولكنه يختلف بمحاولة الاستفادة من الغاز المصاحب الذي ربما سيقلل نسب الاستيراد من الغاز المخصص المحطات توليد الكهرباء وملف الكهرباء يكشف عورته مع اشتداد أول ارتفاع لدرجة الحرارة صيفا وانخفاضها شتاء ولا أعتقد أن أي مشروع سيكتب له النجاح إلا بحل ملف الكهرباء لأنه عصب الحياة فالأولى أن يتم حل هذا الملف قبل الشروع في حل أي ملف آخر فما فائدة أن أعبد طريقا دوليا واقيم سكك حديد رابطة بين البصرة وتركيا والطريق سيكون أظلما هو وكل المرافق التي ستقام على جوانبه؟!
قد يظن البعض أن حكومة عادل عبد المهدي قد اطيح بها لأنه توجه نحو الصين وأنا اختلف مع من يظن ذلك لأن الصين عرضت على عادل عبد المهدي بناء وادارة ميناء الفاو وبناء مدينة صناعية قرب الميناء واستحداث طرق برية وسكك حديد حديثة تربط البصرة بتركيا واستثمار ٢٠٠ مليار دولار في بناء وحدات سكنية ومدارس ومستشفيات ومحطات طاقة وعندما لم يجدوا تجاوبا من عبد المهدي ابرموا شراكات اقتصادية مع الكويت والجمهورية الاسلامية والسعودية. ولا بد أن ننوه أن مشروع التنمية سيكون مشروعا استراتيجيا بحاجة إلى مشاريع استراتيجية رديفة وموازية لديمومته وتطويرة والاستفادة منه وكلنا يعلم أن الاقتصاد العراقي شبه مشلول ونحن بحاجة ماسة لبث الروح فيه والنهوض به وتطويره ليكون داعما لهذا المشروع فالصناعة العراقية تمر بأسوء حالاتها اذن لابد من تطوير الصناعة لاستغلال هذا المشروع للخروج من دائرة تصدير النفط والانتقال لتصدير بضائع مصنوعة عراقيا وهذا يتطلب خطط استراتيجية حقيقية في احصاء ما متوفر من مواد طبيعية وقوى بشرية وجدوى اقتصادية في بناء صناعات متطورة تعتمد على متطلبات العصر والتطور التكنلوجي وايجاد عمال مهرة مهيئين للعمل في تلك الصناعات ومعامل حديثة تستطيع المنافسة مع البضائع المصنوعة في المحيط الاقليمي على اقل تقدير وأرى ان الاهتمام بالصناعة النفطية كالتكرير وباقي الصناعات النفطية والبتروكيمياوية ستكون عاملا مضافا لهذا المشروع فمنها الوصول للاكتفاء الذاتي في صنع مشتقات النفط وتصدير الفائض منه وثانيا استقطاب شركات عالمية ليكون العراق مركزا لهذه الصناعات بدل الامارات والسعودية لقربه من تركيا واوربا. من جهة اخرى لابد من الاهتمام الحقيقي في الصناعات التكميلية من منتجات النفط كونها تدر ارباحا أضعاف ما يحصل عليه العراق من تصدير النفط الخام. ولأنه الطريق هو طريق لنقل بضائع فياحبذا لو تم تكريس الجهود لتطوير الزراعة في العراق والاهتمام بالصناعة التكميلية كبناء مصانع تعليب حديثة للاستفادة من الفائض عن الحاجة لتغطية متطلبات السوق العراقية والتصدير ايضا وكذا الاهتمام بالصناعات الجلدية القطنية وباقي الصناعات التحويلية والحال نفسه لابد من استغلال هذا المشروع في وضع آليات حقيقية لتطوير قطاع السياحة والارتقاء بالفنادق والاسواق القريبة من المدن الأثرية وبناء فنادق ومطاعم ومرافق ومنتجعات حديثة لتشجيع السياح من زيارة هذه الاماكن وايضا تطوير السياحة الدينية أو باقي الاماكن السياحية كالاهوار والمصايف التي تجذب السواح. السؤال الأهم هل الحكومة لديها القابلية على استقطاب شركات مصنعة عالمية للاستفادة من الثروات الطبيعية والايدي العاملة العراقية وفتح وتشجيع الاستثمار وتوفير الاجواء والارضية المناسبة لبناء فروع لهذه الشركات في العراق كشركات تصنيع السيارات والصناعات الالكترونية والكهربائية وهل استطاعة الحكومة استغلال خزين العراق من الثروات الطبيعية كالكبريت والفوسفات والسليكا لتطوير تلك الصناعات وتصديرها للمساهمة في تنويع مصادر الدخل القومي؟! أرى أن الموضوع بحاجة إلى تظافر الجهود من قبل الجميع ولابد من الاعتماد على الأكاديميين واصحاب الاختصاص في كل الجوانب ونهج المنهج العلمي الرصين للنهوض بالواقع العراقي والابتعاد عن لغة التشاؤم التشكيك وشحذ الهمم لقبول التحدي والاكتفاء بالنقد الهدام حتى ولو بنية سليمة تصب في خدمة أعداء العراق.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *