تطرح أسئلة وآراء هنا وهناك، مفادها لماذا يحتفل المسلمون وغيرهم بأعياد الميلاد، في الوقت الذي تعتبر أعيادا مخصصة للمسيحيين، لكن الأمر هو أوسع من ذلك بكثير عندما تجد صداها في المجتمعات الانسانية كافة، فهي تجاوزت كثيرا من شروط الدائرة الدينية المعروفة عند المسيحيين، لتدخل في دائرة أوسع هي تلقي التهاني بمجيء سنة جديدة من قبل أبناء تلك المجتمعات، وقد ارتبطت السنة الميلادية بالتقويم الشمسي، الذي تتحدد بموجبه تاريخ اعياد الميلاد المجيد، الذي يرمز إلى ولادة السيد المسيح عليه السلام، لتكون المناسبة على وفق ذلك تهم الإنسانية جمعاء، وتكون ذات طابع ثقافي وتقليد سنوي يرمز لبدء عام جديد، فالنقطة الجوهرية في عالمية أعياد الميلاد تتمحور حول ذلك اكثر ما تأخذ منحى دينياً يخص ديانة بعينها، حتى بات المسيحيون أنفسهم في كثير من دول العالم، لا سيما في الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا ينتقدون الاحتفال بأعياد الميلاد بالصورة، التي تكون عليها من تبادل التهاني واقامة احتفالات واسعة في كل العالم، ما يضعف الصفة الدينية امام احتفالات شعبية في المجتمعات الإنسانية على اختلاف أديانها، فالعالم بأسره يحتفل بهذه المناسبة، كما أنه يأخذ عند المسيحيين طابعاً مميزا ويظهر ذلك من خلال ما ينقله لنا “موقع موضوع كوم على شبكة الانترنيت، بالقول “يبدأ الاحتفال بعيد الميلاد المجيد في الطوائف الغربية أي روما من ليلة 24 كانون الأول – 25 كانون أول، أمّا في الطوائف الشرقية أي اليونان من 6 كانون الثاني – 7 كانون الثاني، ويعود سبب اختلاف توقيت عيد الميلاد بين الطائفتين إلى أنّه يصادف في تاريخ 25 كانون الأول هو عيد إله الشمس عند الوثنيين؛ ولأنّ المسيح هو نور العالم فاعُتمد هذا التوقيت ليكون عيد الميلاد المجيد، وكذلك الأمر مع 7 كانون الثاني يصادف عيد إله الشمس في روما عند الوثنيين؛ ولأنّ المسيح نور العالم اعتمد هذا التوقيت ليكون عيد الميلاد المجيد، يتزامن عيد الميلاد المجيد في التقويم الغربي مع عيد رأس السنة الميلادية، وبالتالي هناك عطلة رسمية لأغلب دول العالم، ومن ضمنها دول الوطن العربي) .وعلى الرغم من هذه الخصوصية لأعياد الميلاد المجيد عند المسيحيين حول العالم، إلا أنها أصبحت ذات طابع احتفالي عالمي، يشارك فيه معظم شعوب المعمورة، وقد تميزت بطقوس توارثها الناس خلال التاريخ، لعلَّ أبرزها التحضير قبل ايام في تزين المنازل والاماكن العامة وانارة الشوارع، كما تتخلل الاحتفال بهذه المناسبة ترانيم تعبر عنها، كما يتم نصب شجرة الميلاد المزودة بالانارة المتلألئة، والتي ترمز إلى الحياة الأبدية مع السيد المسيح عليه السلام، فضلا عن رموز اخرى مثل الرعاة كرمزية لبشارة المسيح لأبناء الجنس البشري كافة بشكلٍ عادل، ودون تفضيل أحد على اخر، كما هناك النجوم التي تزيّن قمة الشجرة مع تزيينها باللون الأحمر والاخضر، فضلا عن الشمع كرمزية على اعتبار السيد المسيح بصفته نور العالم، وكذلك الجرس الذي يمثل رمزية مميزة للسعادة بقدوم أعياد الميلاد، وهي طقوس تمارس كل عام برموزها وممارستها المعبرة عن هذه المناسبة، تخللها جولات بابا نويل وهو يوزع الهدايا للاطفال، لا سيما من ذوي الفئات الفقيرة، وتوزع في تلك الاحتفالات وجبات مميزة من الطعام اعتاد عليها الناس في مختلف المجتمعات، وبالصيغة التي تتلاءم مع عاداتها وتقاليدها، مؤذنة ببدء عام ميلادي جديد، وخلاصة القول إن تلك الطقوس تلقى اهتماما متزايدا من قبل مختلف مجتمعات العالم ما يعطي لأعياد الميلاد صفتها العالمية.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *