قبل أيام مضى عام كامل على تشكيل حكومة السيد السوداني، اي مسعى لتقييم اعمال هذه الحكومة انما يرتبط كليا بمعيارين أساسيين..
الاول: الالتزام بالمنهاج الوزاري الذي أقره مجلس النواب عند الموافقة البرلمانية على كابينة السوداني.
الثاني: الالتزام بالجودة الشاملة في الخدمات العامة.
يظهر كلا الالتزامين نوع الجودة في الأداء الوظيفي للجهاز الحكومي عند محاولة تقدير الموقف في تشخيص الفرص المتاحة والتحديات المقابلة، عندها يمكن الخروج من طرفي معادلة الالتزام بما يلي:
اولا: هناك مساعي مهمة في تحويل فقرات المنهاج الوزاري الى (حكومة خدمة) لكن هذه المساعي تتصدم بمقاربة تلك الجهود مع نوع الخدمات التي تقدم في القطاعات الخدمية والاقتصادية .
ابرز مثال على ذلك، الخدمات الصحية، قطاع التربية والتعليم، الخدمات البلدية، جودة مواد ومواعيد توزيع فقرات البطاقة التموينية، على سبيل الحصر لا الجمع.
تواجه كل هذه الخدمات تحديات حقيقية في مفهوم (حكومة الخدمة) ولم تقدم الحكومة خلال عام كامل اي تقدم يلمسه المواطن في مراجعته للمشافي الحكومية او المدارس او ازدحام الشوارع وتكسرها وقلة الخدمات البلدية ناهيك عن فقرات البطاقة التموينية التي ما زالت تتعثر في نوعية فقراتها او مواعيد التسليم.
ثانيا: أظهرت الحكومة مساعي لمحاربة الفساد، لكنها حتى الساعة لم تباشر اي تطبيق رادع او مانع ..لاسيما مع ما يتداوله الاعلام عن (سرقة القرن) وأسلوب التعاطي معه.
فيما شكلت الحكومة لجنة عليا لمكافحة الفساد، من دون إجراءات رادعة تمتثل لاحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تتمثل في كشف الذمة المالية لقيادات الاحزاب المتصدية لسلطان الحكم، وموظفي الدرجات الخاصة ما قبل عام ٢٠٠٣ وما بعده.
كخطوة اجرائية تمنع وجود متصدين للمناصب الخاصة في قيادة الجهاز الحكومي او متصدين للمشاركة في الانتخابات البرلمانية او مجالس المحافظات تضخمت أموالهم يعد ٢٠٠٣، وتلك نصوص قانونية موجودة في قانوني الأحزاب وهيئة النزاهة، كان الأجدر بهذه الحكومة وسبق وان اشرت في مقالات سابقة على حكومات سابقة ايضا، اهمية هذا الامتثال بما يحقق التقدم المنشود في تقارير مدركات الفساد العالمي لمنظمة الشفافية الدولية.
يؤكد عدم ظهور مثل هذه المبادرة الاجرائية، ان مطلب مكافحة الفساد في المنهاج الوزاري لن يكن اكثر من ملاحقة فاسدين من دون استراتيجية تطبيقية لنظام نزاهة وطني حقيقي رادع مانع للفساد .
ثالثا: مع كل الاعتبارات التنظيمية لتثبيت سعر صرف الدينار مقابل الدولار، الا ان ثمة معوقات واضحة لكل الجهد الحكومي... مصدره اللجان الاقتصادية لاحزاب سلاطين الحكم في مفاسد المحاصصة.. لابقاء مزاد العملة مصدرا مدرا للاموال في تمويل الماكنة الحزبية وجماعات اللادولة.
لذلك لم تفلح ولن تفلح كل إجراءات حكومة السيد السوداني في هذا المجال من دون موقف صريح من هذا النموذج في توظيف المال العام في خدمة الاحزاب بما يتطلب موقفا اكثر وضوحا من تحالف ادارة الدولة الذي شكل حكومة السيد السوداني.
رابعا: اما الالتزام السياسي المرفق مع المنهاج الوزاري، فحالة حال كل الاتفاقات السياسية عند تشكيل الحكومات في الدورات البرلمانية المتعاقبة، لم بنجح في حلول موضوعية لعلاقة اقليم كردستان بوصفه سلطة ادارية مكلفة من السلطة الاتحادية، بسبب تضارب المصالح الحزبية والتمسك بالهوية الفرعية على حساب مصلحة عراق واحد وطن الجميع، كما لم ينجح في عودة المرحلين عن منطقة جرف الصخر ..كلا النموذجين يؤكد ان الاتفاق السياسي عند تشكيل الحكومات لا يساوي في التطبيق الحبر الذي كتب به !!!
رابعا: اما العلاقات الخارجية فيمكن ملاحظة ان هذه الحكومة حالها حال غيرها من الحكومات السابقة لم توظف تبادل الميزان التجاري مع تركيا وايران لضمان تدفع المياه نحو العراق او زيادة التبادل العلمي مع الولايات المتحدة الأمريكية او دول الاتحاد الأوروبي بتعشيق الجامعات العراقية مع جامعات على مستوى عالمي في هذه الدول .
هذا غيض من فيض اي قراءة في مشهد تقييم مسيرة عام مضى وما يمكن ان يكون في عام مقبل.. لعل وعسى أن تكون منهجية عمل لجنة التقييم الاستراتيجي البرلمانية التي تراسها السيد السوداني في الدورة البرلمانية السابقة نموذجا لقياس اراءه حينها على مسيرة حكومته اليوم... ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!