15 Jun
15Jun

امس السبت عدت من النجف الاشرف ، بعد مشاركتي في فعاليات مؤتمر القصة الخامس ، الذي اقامه اتحاد ادباء وكتاب النجف الاشرف ، وقد شهدت فعاليات المؤتمر الذي تخصص في علاقة السرد القصصي بالدراما العراقية مناقشات بحثية مستفيضة ، ولهذه الفعاليات المهمة ، قراءة ساتناولها في عدد قادم ، لكني اليوم ، اود ان اشير الى ماشاهدته ولمسته اثناء زيارة المشاركين في المؤتمر لحضرة الامام علي عليه السلام ، فلقد كانت هناك مجاميع عديدة في الشوارع المؤدية الى الضريح الشريف ، تؤدي واجبات الضيافة الى الزوار الكرام ، وتتوسل بهم لتناول وجبات من الطعام والشراب مجانا باريحية ، في حالة من الكرم الرائع .
شخصيا ، قلت مع نفسي وانا اشاهد هذا الكرم الايماني ، كم هو مُسعد من مد يد الخير الى الاخرين ، فصدى ذلك الفعل الانساني موجود عند رب الكون الذي أشرقت الشمس بأمره وتوزعت الأرزاق بكرمه .
اعلمُ ، ان كثيرين مرّوا في حياتك ، مثلما مرّ كثيرون في حياتي ، وأجزم ان الذاكرة الجمعية الانسانية لا تحتفظ إلاّ بمن هم كرماء ، بلا تبجح ، وعندي ان من لا يملك ان يكون كريما ، لا يستحق ان يكون انساناً ، فالإنسان بلا كرم ذاتي ، كشجرة لا جذور لها ولا فروع ولا ثمار.. بعض من الكثرة الذين مروا في حياتي تجذروا في ذاكرتي لكرمهم ، وانسانيتهم ، وبعضهم ذهب مع الريح .. وهناك ، من أخذهم الجشع ، واكتناز المال بشتى الطرق ، على حساب البعد الانساني ، ودفعهم كالحصى الصغيرة امام السيل العرم ، وهؤلاء تمرنوا على حمل معاول جاهزة لتهشيم اعمال الخير لتغييب فرحة عابرة !
ان الحياة ، تاريخ متنوع ، وفلسفة عميقة وحساسية ابوية وملمح أنساني سامق ، وأن الكرم المقدور عليه ليس مجرد دعوة انسانية ، بل هو واجب مفروض على كل قادر ، مقتدر ، فدولاب الحياة في دوران .. وما اعظمه من دوران .. وما اصعبه حين يخل ميزانه .. والكرم ، الذي يحمل في طياته عدم (المنّة ) هو البئر التي تروي بمائه المحتاج في تطلعه الى الفضاء الرحب للحياة .. وبدون عقل مجبول على الكرم ، يصبح العالم مثل صحراء … لا نخل ولا ظل ولا ماء .. لا شيء سوى رمل وعقارب وأفاع وعواء ، فالعقل الكريم كالمظلة ، لا بد من فتحها حتى تعمل..
فلنحاول تعلم الكرم .
Z_alhilly@yahoo.com


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة