01 Jun
01Jun

أكاد أجزم أن أهم ما جاء في مؤتمر قمة المنامة 16 ايار الجاري كان الكلمة التي ألقاها الأمين العام للامم المتحدة، انطونيو غوتيريش. اذ إن القمة عقدت وانتهت بنهار واحد، ولم تخرج بقرار يداوي جرح غزة، ولم تضع قطرة ماء على نار الحرب في السودان ولم تقترب بجدية مما يجري في كل المنطقة العربية. ولم تجذب اهتمام الرأي العام العربي، الذي أصبح لا يأبه بهكذا تجمعات والتي توصف بمؤتمرات، لكن هناك البعض من المحللين السياسيين على الفضائيات العربية رؤوا فيها (نجاحا) لأنها جمعت قادة الدول العربية كلهم معا!
ويبدو أن غوتيريش الذي حضر مؤتمر القمة العربية في دورتها الثالثة والثلاثين بدعوة من رئاسة مؤتمر، يعرف أمراض هذه المنطقة اكثر منهم. نشر موقع أخبار الأمم المتحدة ترجمة لكلمته الطويلة نسبيا والذي اشار فيها إلى" أن الحرب في غزة هي جرح مفتوح قد يتسبب بعدوى في جسد المنطقة كلها"، مضيفا أن الحرب في غزة هي الأكثر فتكا بين كل ما شهدته فترته كأمين عام للام المتحدة من نزاعات وحروب بالنسبة للمدنيين والعاملين في الإغاثة وزملائه في الامم المتحدة والصحفيين. وأشار إلى العرب الذين كانوا مركزا للثقافة والعلم ويحكمون مناطق واسعة من العالم وذكر دوري بغداد وقرطبة، ولكن تعرضت المنطقة العربية إلى الاستعمار والنضال.. ويبدو انه بتذكير القادة العرب بهذا التاريخ حاول أن ينصتوا اليه جيدا وهو يدعوهم إلى الاتحاد في ما بينهم قائلا إن "الشرط الأساسي للنجاح في عالم اليوم هو الاتحاد"، وإن عدم الاتحاد يعرض المنطقة إلى التدخلات الخارجية التي تغذي الصراعات وتُشعل الأزمات لتشكل عقبات امام رفاهية شعوب المنطقة العربية وتعيق التنمية. يبدو واضحا أن الانقسامات العربية واضحة جدا والتدخلات الخارجية واضحة ايضا وكأنها مقبولة ومسموحة من قبل الانظمة. حين كتابة هذا المقال، دخلت حرب الابادة التي يرتكبها النازيون الجدد على مدار الساعة في غزة يومها الرابع والثلاثين بعد المئتين، ووصل عدد الشهداء إلى 36 ألف و 50 شهيدا، وعدد المصابين إلى 81 الف و 26 إصابة ودائما، ثلثهم من الاطفال، فضلا عن أكثر من 10 آلاف مفقود غالبيتهم شهداء تحت الأنقاض، وفي الطرقات. وهناك، في الفترة نفسها اكثر من 460 شهيدا في الضفة الغربية.
وبالرغم من مطالبة المحكمة الجنائية الدولية بإصدار امر لاعتقال نتانياهو ووزير دفاعه، ارتكبت قواته مجزرة حين قصفت بدون اي سابق إنذار مخيما للنازحين في تل السلطان غربي مدينة رفح، قرب مقر لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في منطقة توصف بأنها "آمنة"، وتسببت المجزرة باستشهاد 45 نازحا، منهم 33 امراة وطفلا وكبارا في العمر، وإصابة 249.. وكانت التنديدات الاوربية اكثر من تلك التي اصدرتها الدول العربية! وحاول نتنياهو أن يتهرب من المسؤولية ووصف ما حدث ب "خطأ كارثي" ويجري التحقيق به! واكد بأنه ليس "مستعدا لإنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها".
مشددا بأنه "لن يستسلم للضغوطات الخارجية والتي حذرته من دخول غزة لكننا دخلنا".. لا يزال نتنياهو يتحدث بهكذا عنجهية، ضاربا بعرض الحائط كل القوانين الدولية، رافضا أن يعترف بأنه وفي الشهر الثامن لحزب الابادة لم يحقق اي هدف و(ابدع) في تدمير غزة وقتل سكانها من المدنيين. في المقابل، هناك مواقف عربية رسمية تبدو داعمة للكيان سواء علنا او سرا، علما ان الصمت على ما يجري دعم بشكل او بآخر وإن خفت النشاطات الشعبية العربية الرافضة لحزب الابادة والمطالبة بإيقافها وبتحرير فلسطين، بينما ترتفع الأصوات الشعبية في أمريكا والغرب.. ويبدو أن جرح غزة سيستمر مفتوحا إلى حين آخر مع استمرار الخذلان العربي لسكان غزة الذين يظهرون في الفيديوهات، التي يبثها عدد من الناشطين في غزة على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يصرخون أين هم العرب؟


الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة