إن الضالعين في أمور و خفايا وكالات الأنباء ، بل و في عالم الإعلام والصحافة عموما ، من ذوي احتراف و خبرة طويلة ، يعلمون جيدا إنه لا توجد في الغرب وأمريكا صحافة مستقلة وحرة تماما ، أي مائة بالمائة ، مثلما يُقال و يروج له كذبا وتضليلا ، سواء من ناحية نقل الحدث السياسي أو طبيعة صيغة مضمون الخبر ، وكذلك من ناحية تحليل وضع سياسي في بلد ما ، طبعا برؤية منحازة ، نقول هذا ،رغم إدراكنا بإن هذه الوسائل الإعلامية ليست حكومية بشكل مباشر ، غير أنها تابعة لشركة أو مؤسسة مرتبطة بجهة أو قطب مالي كبير له ميول سياسية وذات مصلحة في الانتماء أو الانحياز ، بشكل غير مباشر ، أما للجمهوريين المحافظين ، أو للديمقراطيين ــ ” اليساريين الوسط المزعوم ” ، وأن كانت هذه الميول السياسية من قبل كبريات الميديا والصحافة الأمريكية والغربية قد سعت مفضلة إلى أن يبقى انحيازها السياسي والفئوي مضببا و مموها لعقود طويلة ، أو على الأقل ، أن يكون انحيازا سياسيا غير مباشر أو محسوس لحد لفت انتباه من قبل قراء أو مشاهدين عاديين ..
إلا أن ثمة عاملين سياسيين قد طرأ فجأة في السنوات الأخيرة، و دفعا بهذه الميول السياسية الانحيازية إلى العلن والملأ :
أولهما الصراع السياسي الحاد بين الجمهوريين بقيادة الرئيس الأمريكي السابق ترمب و بين الديمقراطيين بقيادة بايدن فوجدت قناة سي إن إن ــ مثلا ــ نفسها منحازة إلى الديمقراطيين ، بينما قناة الفوكس نيوز أعلنت انحيازها الواضح والصريح للجمهوريين وكذلك الأمر لبعض كبريات الصحف الأمريكية ..
أما العامل الثاني فهو انحياز الصحافة الأمريكية و كذلك الغربية الأخرى لصالح أوكرانيا ضد روسيا وحاولت أما التزييف أو التلاعب او التضليل على صعيد صياغة أخبار الحرب بل والتعتيم المتعمد بما يخص صالح الجانب الروسي ومحاولة إظهاره متضعضعا و موشكا على الهزيمة ..
فيما يلي عينة أومقتطفات من أخبار أمريكية ــ أدناه ــ تثبت صحة قولنا هذا :
الفوكس نيوز تصف بايدن بـ”الدكتاتور الناشئ”
نيويورك: وصفت قناة “فوكس نيوز” الأميركية المحافظة مساء الثلاثاء الرئيس جو بايدن بأنه “دكتاتور ناشئ”، ما أثار الكثير من السخرية والتعليقات الغاضبة، في حين اختارت منافستاها “سي إن إن” و”إم إس إن بي سي” عدم بثّ خطاب دونالد ترامب على الهواء مباشرة بعد مثوله أمام المحكمة.
استقطاب سياسي
هذا التناقض في التغطية الإعلامية للحدث يوضح مجددا مناخ الاستقطاب السياسي في الولايات المتحدة، وهي ظاهرة تبرز خصوصا في القنوات الإخبارية.
وكتبت “فوكس نيوز” في شريط الأنباء “دكتاتور ناشئ يتحدث في البيت الأبيض بعد أن أوقف منافسه السياسي”، فيما كانت الشاشة منقسمة إلى شطرين يظهر أحدهما جو بايدن يتحدث من مقر الرئاسة ويظهر الآخر دونالد ترامب أمام أنصاره في أحد ملاعب الغولف التي يملكها في نيوجيرسي.
في وقت سابق الثلاثاء، دفع ترامب أمام المحكمة في فلوريدا ببراءته من 37 تهمة تتعلق بوثائق سرية، يتناول بعضها الأسلحة النووية، اتهم بعدم حفظها وفق الأصول وتسليمها إلى الأرشيف الوطني بعد انتهاء ولايته.
وانتشرت صورة شريط الأنباء على نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي مرفقة بتعليقات كثيرة.
من جانبها، قررت قناتا “سي إن إن” و”إم إس إن بي سي” الإخباريتان مساء الثلاثاء عدم بثّ خطاب دونالد ترامب على الهواء مباشرة بعد تغطية مكثّفة لصدور لائحة الاتهام.
وبرّر الصحافي جايك تابر القرار بأن ترامب “يقول الكثير من الأمور غير الصحيحة والتي قد تكون خطيرة أحيانا”.
وتعرضت “سي إن إن” أيضًا لانتقادات بسبب بثّها برنامجا مباشرا مع دونالد ترامب في 10 أيار/مايو، هو جلسة أسئلة وأجوبة أمام أنصار جمهوريين ردّد خلالها الرئيس السابق معلومات غير مسندة بشأن تزوير الانتخابات الرئاسية للعام 2020.
* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *