26 Feb
26Feb

يقول قائل، أن تفتح الحكومة على نفسها، جبهات متعددة، وعليها ان تقاتل في كل تلك الجبهات في آن واحد، فهذا أمر ليس بالسهل، فتعدد الجبهات من شأنه أن يُضعف القدرات القتالية، نعم هذا صحيح، من جهة التعدد، ولكنه غير دقيق، من ناحية اتهام الحكومة بفتح هذه الجبهات، وزج نفسها فيها.اذ تشير الحقائق، إلى أن الحكومة وجدت نفسها أمام هذا الواقع، وليس امامها من خيار سوى القتال بشراسة، من اجل خلق حالة من الاستقرار في البلاد، تساعد العاملين على اداء مهامهم والايفاء بتعهداتهم، فالحكومة لم تفتح جبهة القتال لاعادة القوة للدينار العراقي، انما فتحها غيرها، فما كان منها إلا أن تقبل المنازلة بقوة وشرف، كما أن فتح جبهة الحرب ضد جائحة الفساد لم يكن خيارا، انما كانت الحكومة مجبرة، بعد أن عاث الفاسدون خرابا بأموال البلاد، وهددوا مستقبل العباد، فترك حبلهم على غاربهم، يعني المزيد من الخراب، وهكذا كانت المعركة شرسة.وثمة جبهات اخرى كانت الحكومة مضطرة لاستنفار كل ما لديها من امكانات لتحقيق الانتصار فيها، فمحاربة الفقر والبطالة ليس بالامر الهيّن، كما أن قضية تحسين الخدمات المتهالكة، هي الاخرى تمثل جبهة واسعة تمتد على طول العراق وعرضه، وفي المقابل فان دخول الحكومة في الكثير من المعارك الجانبية، مع تعدد الجبهات، لا يعفيها من التصدي لجبهات اخرى، يحاول من خلالها الاشرار اختراق الاطواق الدفاعية، وضرب الاهداف الحيوية، من اجل شل الحركة، وهنا أشير إلى المعركة الاخيرة التي اعلنتها الحكومة ضد الهابطين، الذين هبطوا في ليلة غاب فيها القمر، في انحاء المجتمع كافة، اما بحثا عن الطشة التي لا دين لها، من دون أن يعوا خطورة ما يقومون به، أو أنهم ينفذون اجندات أُعدّت لهم، وراحوا يعيثون في الأرض خرابا، مستغلين سقوف الحريات العالية، فنجحوا في التأثير على البعض من الشباب، بينما راحت شرائح المجتمع تشكو الغوث، وتصيح الداد، من ما يقوم به هؤلاء الهابطون، من محتويات هابطة، تخدش الحياء، وتخرّب التربية، وتُسيء إلى القيم الاجتماعية والدينية، وكان تأثير هذا الهبوط على المراهقين والاطفال، خطيرا، ومن هنا لم يكن امام الحكومة من بد، سوى إعلان الحرب ضد اصحاب المحتوى الهابط، بناء على مايتم نشره في منصات التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام، الذي ترصده وزارة الداخلية، وهيأة الاعلام والاتصالات، أو من خلال البلاغات التي يتقدم بها الناس.نعم أن هذه الحرب واجهت معارضة من بعض الجهات والاطراف، من باب عدم وجود معايير واضحة لتحديد ماهو المحتوى الهابط، وبالتالي قد تُستغَل، في تقييد الحريات وتكميم الافواه، وربما يبدو ان كلاما مثل هذا صحيح، ولكن ومن خلال رصد ردود الافعال، لا سيما لشريحة الشباب، كانت مؤيدة لهذه الاجراءات، كما أن القضاء هو الآخر أعلن عن تشديد اجراءاته من أجل وضع حد لهذا الخطاب، وهنا يُجمع الجميع، المؤيدون، والمعارضون، على ضرورة حماية المجتمع من خطر محتوى الخطاب الهابط، شريطة ألا ينسحب ذلك إلى التضييق على الحريات، وهذه الأخيرة ايضا بحاجة إلى تحديد معاييرها، فالحرية لا تعني الانفلات، والاساءة إلى الاخرين، فحدود حريتك تبدأ، من حيث تنتهي حدود حريتي، واي تداخل يعني حدوث حالة من الاحتكاك قد تكون تداعيتها غير محمودة.. أليس كذلك؟!.


* ملاحظة: المقالة تعبر عن رأي صاحبها *


تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
حقوق النشر © 2024 جميع الحقوق محفوظة - وكالة انباء النافذة