انتهت عملية انتخابات مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم بنجاح، بدءاً من هدوء حملاتها الانتخابية، وابتعادها عن المساجلات والاتهامات وانتهاءً بيوم التصويت الذي سار بانسيابية، ومن ثم قبول القوى السياسية جميعًا بالنتائج الأولية، التي لا تكاد تذكر الطعون فيها، وكانت بقبول سياسي وشعبي، إلّا أن الأهم نتائج ما بعد إكمال النتائج، وهل يستمر الهدوء الى تشكيل مجالس مستقرة؟ أنتجت عدة مقدمات هذا الهدوء السياسي والعملية الانتخابية، ارتكزت معظمها على الاستقرار السياسي، وتحالف القوى السياسية في إدارة الدولة الذي أدى الى نجاح الحكومة. نجحت الحكومة من خلال التزامها بأولويات برنامجها، واستطاعت أن تحقق انسجاماً سياسيًا من خلال محافظتها على و حدة التحالف المُشكل لها، وحفاظ هذا التحالف على وحدته في مساندة الحكومة، بالتشاور المستمر والاجتماعات الدورية، وحل الإشكالات في غرف السياسة، بعيداً عن المزايدة الإعلامية، ومن أولويات البرنامج الحكومي الإعداد لانتخابات مجالس المحافظات، والسبب غير المسبوق في الحكومات السابقة، إن الحكومة تشكلت بتحالف لا بتوافق، نواته الإطار التنسيقي، واعتمد في تحالف إدارة الدولة على دعم الحكومة وإنجاح مهامها، وحل الملفات الطارئة والعالقة بالاجتماعات الدورية، وعدم زج الشارع بما يدور في أروقة السياسة والإدارة الحكومية.إن نجاح مقدمات ومخرجات التحالفات، أثبتت انها أفضل وأنجح من التوافقات في ادارة الدولة، ومن التحالفات التزامات متبادلة بين القوة السياسية من جانب، وجانب التزام والزام لقوى سياسية أمام شعب يعرف من هي الجهات المسؤولة عن النجاح والتعثر، أما التوافقات فهي اتفاقات شكلية تنفرط بعد تشكيل الحكومات، وانفراطها يؤدي الى خلافات وتقاطعات تعرقل العمل التنفيذي والتشريعي، وفي التجارب السابقة تنصلت قوى عن مسؤوليتها وهي في السلطتين التشريعية والتنفيذية. بما أن القوى الفائزة في انتخابات مجالس المحافظات، هي ذاتها التي نجحت في دعم الحكومة، فلابد من تعزيز فكرة تحالف في كل محافظة لدعم عملها، وتأسيس قوى حاكمة واضحة تقع عليها مسؤولية نجاح مجالس المحافظات، وهي فرصة للشعب في تقويم عمل القوى السياسية، التي تنتظرها انتخابات برلمانية بعد عامين، وفرصة للقوى السياسية في اثبات جدية مشاريعها الانتخابية، ومساعدة الحكومة في نجاحاتها، كون مجالس المحافظات ركن أساسي في النظام الديمقراطي، وتعزيز لسلطة اللامركزية، وتشجيع لمجالس الخدمات بتقديم الخدمات المباشرة لمناطقها وفي حال تسابق، وبما أن الشعب أدى ما عليه، يبقى الدور على القوى السياسية لتشكيل التحالفات الناجحة التي تقود المحافظات، ولا تعود للتوافقات التي تنفرط وتتقاطع وتعرقل عمل الحكومة وتقديم الخدمة.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"