ما يجري في مجالس المحافظات، مساخر بالوان الطبيعية، جميعها، ولا استثني منها احدا، من مجلس بغداد فالبصرة في اقصي الجنوب، الى مجلس الموصل شمالا، حيث السرقات والصراع المُقرف بين الكتل والاحزاب والعشائر والطوائف والزعات والمراجع والرئاسات والواجهات. حلفاء الامس صاروا خصوما شرسين، وحملان الامس اصبحوا عتاوي باسنان جارحة، فيما التشهيرات تجاوزت المحافل الى المنازل، وعبرت الدواوين الى غرف النوم، وانتشرت المخازي القبيحة على الشاشات الملونة، وثمة المعلومات مثيرة عن تقاسم المواقع والامتيازات والمشاريع والاستثمارات، والمقايضات بين الاركان والاعضاء تجرى في وضح النهار وصارت تزكم الانوف، وكل ما يحيط هذه المساخر من مراقبين نائم، فلا رقيب ولا حسيب، ولسان حال اللاعبين يقول للمواطنين المذهولين حيال ما يجري: اشربوا البحر، او اضربوا رؤوسكم بالحيطان.. لقد انتخبتونا الى هذا السيرك وانتم تعلمون ما السيرك. والحديث في ذلك كما اظن مضيعة للوقت، فاستميح قرّائي المعذرة لهذه المعابثة، وهذا اللعب بالوقت الثمين، واعتمد على رحابة صدرهم ليتحملوني، هذه المرة، لجوجا وبريئا واطرشا بالزفة، واستدرجهم الى استراحة حسن النية، ووسادة الاحلام الوردية، وانصحهم بوجوب الثقة العمياء بهذه الحيتان المتناطحة في دواوين المجالس، وبالايمان الفطري بالحتميات وبانه (كما تزعم المقولات) لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف، وليدعوا ارجلهم بالماء الفاتر كلما داهمتهم الاخبار عن عركة في احد المجالس وعن انتقال اعضاء من كتلة الى كتلة، ومن ولاء الى ولاء، مع روائح تزكم الانوف عن مبالغ هذا الانتقال وتغيير الولاء. اقول، ساكون مفرط الطيبة، هذه المرة، لكي ادعو الحكومة، ثم مجلس النواب، الى اصدار قانون يمنع الانتقال من من ولاء الى آخر، ومن مستنقع الى مستنقع.
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"