يبدو بشوشًا ودودًا، وواثقًا من نفسه ويحمل صفات القيادة. سياسى رفيع المستوى يعرف ماذا يقول، ويملك قدرات المناورة في الحديث والنقاش. هذه هي انطباعاتى الشخصية عن خالد مشعل، أبوالوليد، حسب كنيته. التقيته مرات قليلة من بينها حوار في التليفزيون المصرى. ولم يكن الاختلاف في الموقف سببًا يؤثر في العلاقات الشخصية.
خالد مشعل هو أحد مؤسسى حركة حماس، وهو عضو مكتبها السياسى منذ تأسيسه، وتولى رئاسة المكتب السياسى للحركة في ما بين عامى 1996 و2017، وتمَّ تعيينه قائدًا لها بعد وفاة الشيخ أحمد ياسين عام 2004.
مشعل هو الاسم الأكثر حضورًا بين قيادات حماس. يتولى مناصب قيادية ثم يصبح مسؤولًا سابقًا، لكنه يظل من يُشار إليه باعتباره الأكثر تأثيرًا. لذلك يظل كل ما يقوله ذا وزنٍ ودلالة.
أدلى مشعل بعددٍ من التصريحات الجديرة بالتوقف أمامها، والاختلاف الجذرى مع بعضها. ولعل من أهم هذه التصريحات ما قاله حول «المغامرة المدروسة لعملية (طوفان الأقصى)» عندما قال إن الهجوم على إسرائيل مغامرة مدروسة، مضيفا بالقول: «نعرف جيدًا تبعات عمليتنا يوم 7 أكتوبر»، وأن العملية ضد إسرائيل كانت قرارًا لحماس. وهنا تسيطر على الوجوه والعقول كل علامات الدهشة. وتطل علامات أخرى لا أقبل أن أتبناها.
عزيزى أبى الوليد، هل تعتبر بالفعل ما فعلته حماس هي «مغامرة»؟ وبمن كانت تغامر حماس؟ وهل هي بالفعل «مدروسة»؟ من حق الفلسطينيين أن يعرفوا طبيعة هذه الحسابات. هل كان من بينها ما يقترب اليوم من أربعة آلاف شهيد؟ هل كانت تتضمن تلك الحسابات 15 ألف جريح؟.
لا أعلم على وجه الدقة عدد المبانى التي انهارت ولا مدى دمار البنية التحتية، ولا عدد من تشردوا، ولا كم لاجئًا سينضم إلى كشوف اللاجئين. ليس لدى علم بكل هذا، ولا أظن أبناء فلسطين من البسطاء، لا من القياديين، يعلمون. فهل يمكن أن تطلعنا حماس على ما لديهم من حسابات وتقديرات لهذه «المغامرة المدروسة»؟.
قال مشعل أيضًا إن عملية «طوفان الأقصى» زلزلت أركان الكيان الصهيونى كما لم يحدث من قبل، وبالتالى هذه فرصة الفلسطينيين والعرب والمسلمين للإجهاز على العدو وإنهاء الاحتلال والتخلّص منه، واستعادة الأرض والقدس والأقصى والإفراج عن الأسرى وكسر الحصار عن غزة، قال كذلك: «إن حركة حماس تمد يدها لحركة فتح وجميع الفصائل الفلسطينية لتحقيق الالتحام مع الضفة الغربية من أجل مواجهة إسرائيل».
قلت من قبل إن خالد مشعل يمتلك قدرات مميزة في الحديث والتعبير، ولكنى لم أتمكن من استيعاب وفهم هذه التصريحات التي تبدو هتافات تظاهرات أكثر منها حديثًا سياسيًا واقعيًا. قلت من قبل إن حماس كان يمكنها أن توجع إسرائيل لو لم تستعرض عضلاتها بهذا الشكل، وأقول الآن إننى أوافق أبا الوليد في أن العملية كانت «مغامرة» فعلًا، لكننى أختلف معه تمامًا في كونها «مدروسة».