المثقف الحقيقي ، و المبدع الواعي هو الذي يقف مع أبناء شعبه ، بالكلمة و القلم و الفكرة ، فلا يرضى بالعزلة و التهميش ، او يفكر في دفن راسه في التراب كالنعامة ، و لا بالارتباط بالفضاء الافتراضي المتصل بالامبالاة . عليه فإن المثقف النافع هو المنخرط بإيجابية في أمور المجتمع ، و الذي يمتلك ثقافة إعادة النظر في كل ما يجري في مجتمعه ، يكشف الزيف ، و يؤشر للحقائق التي ينبغي الأخذ بمعطياتها ، من أجل التصحيح و الغربلة و الانتقاء . و لكن صرنا نلاحظ ان هناك دائما هوة كبيرة ، بين الفكرة و الواقع ، في ظل غياب الثقافة المشتركة ، هذه الثقافة المتأرجحة بين الاتفاق و الإختلاف ، أدت إلى استمرار تلويت مناخ الثقافة في البلاد ، مؤداه توالد أجيال عليلة ثقافيا ، و أجواء معرضة للتسمم الثقافي ، و ازدياد المرئي من الجهل الذي يتفجر مثل الينابيع في اوقات معينة . الامر الذي جعل المثقف يشعر بأنــــه غريب في وطنه ، يعيش ظلمة العدم في صقيع العزلة ، و ضيق الأفـــــــق ، و فقر الروح ، و شحوب حياته ، يعيش عمره وهو لا يقدر ان يستنشق خفايا نفسه سطرا سطرا ، كما لا يستطيع أن يرفـــع من شأن بنيـــــــــانه حجرا حجرا ، و لا شيء بعد ذلك يثبط عزيمة المثقف ، اكثر من احساسه بأنه عديم الجدوى .
الاراء الواردة في المقال لا تعبر بالضرورة عن رأي وكالة انباء "النافذة"